سـيد مُوانْجِـيِ – الشريعة والقـانون – جامعـة الأزهر
تزداد معاناة الشعب القمري يوما بعد يوم في الحصول على المياه الصالحة للشرب والاستعمال المنزلي، حيث يترتب على ذلك بعض الأمور السلبية منها :
قضاء بعض الأسر في كثير من الأحيان يوما كاملا دون أكل، وذلك لعجزها عن شراء المياه يوميا. فعلى الرغم من توافر الأغذية في المنازل وكل ما يمكن إعداده ليصبح طعاما جاهزا للأكل، إلا أن وجود هذه الأصناف لم تعد كافية لعدم وجود الماء الذي هو الأساس في كل شيء.
وقد يضطر المرء لقضاء حاجته متخفيا وراء الصخور البركانية في ساحل البحر بدلا من دورة المياه (المرحاض) الذي يرى أنه سيضطر إلى استهلاك الماء القليل المتوافر في المنزل إن وجد. مشكلة دامت أكثر من عقدين ونصف من الزمن في بلد لا تتجاوز مساحته ٢٢٣٦ كيلو متر مربع، دون بذل الحكومة أي مجهود يذكر لمحاولة إيجاد حل مناسب لها. وليس هناك بصيص أمل في اعتقادي للخروج من المعضلة لعدم وجود أية إرادة من جانب المسؤولين الخكوميين، بل وأن الموضوع لم يعد أصلا يهمهم على الرغم من أهميته القصوى.
ومما يؤكد كلامي هذا، تركيز الحكومة جل اهتمامها في الطاقة الكهربائية، واستمرارها في تمويل الشركة الوطنية للمياه والكهرباء، وجعل أولويتها في العمل على زيادة ورفع مستوى الطاقة الكهربائية لتحسين الخدمات المقدمة لعملاء الشركة، بهدف إنهاء الانقطاع المتكرر للكهرباء؛ ومع كل هذا دون تفكير الحكومة ولو مرة أن تضع حدا لأزمة المياه الحادة التي تمر بها البلاد منذ فترة طويلة متجاهلة بأن الماء هو رمز للحياة نفسه (وجعلنا من الماء كل شيئ حي).
ويتظاهر المسؤلون بهذا السعي بالاهتمام الشديد بالمواطن بينما (الصريح تحت الرغوة) كما قيل في المثل العربي، وهو أن كل ما يحلم به المواطنون أن يروا الصنابير في منازلهم تتدفق منها المياه يوما ما.
ترى، ألم يعد من واجب الحكومة تقديم كافة التسهيلات اللازمة للعيش لمواطنيها، والتي من بينها توفير المياه النقية لهم لضمان سلامة صحتهم ولكي لا يضطروا إلى للجوء إلى شرب غيرها فيكون ذلك سببا لانتشار الأوبئة الخطيرة والأمراض المعدية في البلاد، مثل الكوليرا والتيفو ئيد وغيرها من الأمراض التي تنتشر بسبب المياه الملوثة؟
ثم إلى متى سيظل المواطن يكلف نفسه بدفع ما لا يقل عن عشرة آلاف فرنك قمري أسبوعيا من أجل شراء الماء الذي يتم للاستخدام المنزلي من شرب وغيره من الأغراض المنزلية؟ أيعقل أن تكون لنا دولة حرة، كاملة السيادة، وهي تعقد النية للوصول إلى قمة التقدم، وفي الوقت نفسه تكون عاجزة عن حل مشكلة بسيطة كهذه؛ في حين لا تتردد في إنفاق الملايين ليقوم رئيسها وبرفقة وفد لايقل عدده عن عشرة أفراد بجولات حول العالم دون أي مردود، أو حتى تلمس نتائج تلك الزيارات ؟ وهل فعلا سيصل بنا هذا القطار إلى تلك المحطة التي يشير إليها القائد، بعد فشله الذريع هو ومن سبقوه في هذا المنصب من الرؤساء السابقين في حل لغز أزمة المياه في جزر القمر؟