بقلم / محمود محمد مهوما – محلل سياسي
لم ألحظ صديقي الذي ألقى التحية وأنا في شرودي حائر بين أفكاري ,
توقف أمام طاولتي في المقهى وقال لي مازحا أين أنت ؟ بماذا تسرح وتفكر ؟ هل هو العشق ؟!!
أما العشق.. فنعم، فهو يرافقني طوال حياتي.. لكن ما يشغلني ويبعثر أفكاري هو شيء آخر، فأنا أبحث عن فكرة تكون نواة زاويتي في موقع «من جزر القمر » أعبر من خلالها عما يجول في عقلي من حزن وألم ,
بادرني قائلاً: يا رجل.. اكتب أي كلام!. كدت للحظة أن أنكره.. لكنني سألته جاداً: هل تطبق «نظرية أي كلام». قال لي أعوذ بالله , الخطأ في مهنة الكتابة فيه خراب عقول ويمكن أن يؤدي إلى تدمير مجتمع بأكمله ،
بكل صراحة جعلني هذا الصديق أفكر بطريقة أخرى وأغير نمط كتاباتي الذي درجت أن أكتب عنه.. الرومانسية الوطنية .. في هذه اللحظة تذكرت اللقاء التاريخي الذي جمع الرئيسين القمري غزالي عثمان و الفرنسي إيمانويل ماكرون والاتفاقية الخطيرة التي وُقعت بين الجانبين ، وفي المؤتمر الصحفي أدلى الرئيسان تصريحات قوية وشديدة اللهجة .
وفي الحقيقة وجدت في كلماتهم ما يطمئن القلب ويبعث الأمل ويريح النفس كل هذا ضمن إطار المسكنات و المهدئات المؤقتة و التخدير الممنهج والخيال السياسي الخارج عن الطبيعة، لكن للأسف هكذا قرأت تصريحي الرئيسين، أعتقد جازما أن كلماتهما لن تتجاوز الوعود الكلامية التي لا تؤخر ولا تقدم شيئا، فضلا أن تحل مشكلة .علمتني التجربة الطويلة مع مسؤولينا ألا أغرق كثيراً وألا أسكر بكلماتهم ، وأن أنظر إلى المستقبل.. إلى الحاضر..
بكل الأحوال أقدم لفخامة رئيس الجمهورية و الوفد المرافق له أحر شكري لأنهم يذكِّروننا بذاتنا وانتمائنا وعالمنا بعد أن كدنا ننساه ،
أو ماذا أقول عن تلك المعارضة القمرية؟ معارضة البسكويت و الخبز الفرنسي اللذيذ ، مواصفاتهم واضحة للعيان؛ ضعاف الشخصية، كثيرو الثرثار ، حساسون جدا ، لا يملكون القدرة على تحمل أي ضغوطات من أي نوع، ولو مر بهم طفل و نظر إليهم بعين حادة لخافوا، وفِي أول هزة انتخابية بسيطة اشتكوا و قالوا لنا،! نحن في المواجهة لم نجرب حالنا، لكننا في الهرب أسرع من الغزالة البرية ،
ولما صرخ زميلهم عثمان غزالي عليهم ارتعبوا.. يفكرون أن يحرروا الشعب القمري من الديكتاتورية الغزالية بمساعدة و تخطيط من المستعمر الفرنسي ، هذه ازدواجية طفولية ، لكنني- وها أنا أعود إلى الرومانسية الوطنية- لا أستطيع أن أكتب عن الفرح والحب وأنا في بئر الأحزان العميق، وأنا أشاهد ,الكذب السياسي و التهور السياسي و اللامسؤولية السياسية و الخداع السياسي، كل هذه علامات فارقة في أداء حكومتنا و المعارضة معا ،
هي حقائق –غالباً- لم ترتبط بمعارضة أو بحكومة محددة دون الأخرى، يخيل إلي من شدة تلازم تلك الحقائق بالأداء الحكومي ، فإنّ المواصفات ذاتها تبدو وكأنّها هي شروط اختيار الحكومة والمسؤول..، هذا يعني أنّ منظومة انتقاء المسؤول مبتلية بالعلامات الفارقة التي ذكرتها، بدليل أن بعض الأسماء التي تمّ اختيارها (بعناية) وإعطاؤها فرصة المسؤولية أثبتت أنّها أصغر من أن تؤتمن حتّى على (قيادة حافلة ركاب ) ومع ذلك اؤتمنت على مصير مؤسسات عامة ومصائر العباد.! !!!
أظن أن الحزن يجمعنا اليوم من واقع مسؤولينا والحكومة و المعارضة ، كما الفرح سيجمعنا غداً وأننا نعيش حزن اليوم لنصنع الفرح الآتي ولن نكتب يوماً «أي كلام»!