هي المرة الأولى التي يدلي فيها مسؤول حكومي في وزارة الخارجية عن إمكانية عودة العلاقات الدبلوماسية بين جزر القمر وقطر بعد أكثر ثلاثة أسابيع من اتفاقية قمة العلا حول المصالحة الخليجية مع دولة قطر. وسبق للحكومة أن أصدرت بيانا صحفيا في 7 كانون الثاني/ يناير الجاري رحبت فيه باتفاق المصالحة التي وقع عليها قادة دول مجلس التعاون الخليجي في القمة الخليجية التي انعقدت مدينة العلا السعودية يوم الثلاثاء 5 يناير لرأب الصدع في الخلاف الخليجي القطري وأعلنت فيها رسمياً المصالحة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، وعودة العلاقات بينهما بين مقاطعة طالت أكثر من ثلاث سنوات ونيف. وفي هذا الحوار يعبر السفير المتجول بوزارة الخارجية القمرية، محمد كليم مزي، عن امتنان حكومة جزر القمر لمساعي القيادة الكويتية التي لم تدخر جهداً منذ فجر الأزمة من أجل التوسط بين الأشقاء المتخاصمين، وشاء القدر الإلهي أن كانت هناك أجواء ملائمة جمعتهم على طاولة حوار واحد أعاد للصف الخليجي وحدته إلى حيث كانت لإعادة ترتيب أروقة البيت الخليجي والعربي وتعزيز التعاون بين دول المنطقة بما فيها دول الجوار في مواجهة التحديات الأمنية إقليميا ودوليا .. فإلى نص الحوار:
– أهلاً بكم مشاهدينا الكرام في هذه الحلقة الخاصة التي نستضيف فيها الأستاذ، محمد كليم، السفير المتجول في وزارة الخارجية بجمهورية القمر المتحدة.
أهلاً بك سعادة السفير ضيفاً معنا في هذه الحلقة.
– أهلاً بكم ومرحباً بهذا اللقاء الهام.
– في البدء .. سعادة السفير، ماهو انطباعكم وآرائكم حول إعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وقطر؟
– شكرا! أولا، يجب أن أنتهز هذه الفرصة السعيدة لأثني على جهود الهيئة القمرية للتلفزيون والإذاعة، ودورها البناء في نشر الأخبار والوقوف على حقائق الأمور، فأشكركم شكرا جزيلا على هذا الاهتمام، وخاصة في هذا الموضوع بالذات.
فعلاً، المصالحة الخليجية التي تم بها التصالح بين دولتين شقيقتين متجاورتين، المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، هذه مصالحة، وهذا حدث تاريخي عظيم. كل كائن له شعور وله انطباع خاص تجاه هذا الحدث، ونحن كمواطن قمري، ودولة جزر القمر شقيقة لهاتين الدولتين الشقيقتين، وكعامل في الحقل الدبلوماسي، يجب أن نقول لكم أن مشاعرنا جاشت فرحا، وأن شعورنا استقبلت هذا الحدث بارتياح وترحيب. هذه القضية، أو هذه الأزمة دامت ثلاث سنوات تقريباً، وهذا الخلاف كانت له تداعيات كثيرة. تداعيات في المنطقة الخليجية، وتداعيات أيضاً في المنظومة العربية داخل البيت العربي، جامعة الدول العربية.وكذلك هناك تأثيرات وتداعيات في الشركاء الآخرين في العالم. هذا الخلاف أو هذه الأزمة تأثرت بها دول كثيرة، وكانت لها سلبيات سياسية وسلبيات اقتصادية.
– عفوا يا سعادة السفير! هل كان هناك تأثير سلبي على جزر القمر في هذه المقاطعة؟
– نعم! يعني… منطقة الخليج منطقة استراتيجية، جغرافيا واقتصادياً وسياسياً وتنمويا. عندما تتعثر هذه الاستراتيجية، فهناك قضايا كثيرة ومصالح كثيرة أيضاً تتأثر.
جزر القمر تربطها علاقات صداقة وعلاقات أخوة بين الدول العربية قاطبة، وبين هاتين الدولتين الشقيقتين. يكفي أن نتأسف بوجود خلاف بين شقيقتين فضلا إذا كانت مصالح أخرى من طرفنا تتأثر. فمآثر هذه الأزمة كثيرة جداً ليست على جزر القمر فقط، وإنما قلت على المنطقة الخليجية وعلى المنظومة العربية، خسائر إقتصادية واجتماعية وسياسية وتنموية وغيرها.
ولكن النقطة الحقيقية في انطباعي، أنا دائما لا أتخوف بخلاف، ولا أتخوف بالأزمة، لا تخوفني الأزمات ولا تخوفني الخلافات، وإنما الذي أتخوف منه، هي المكابرة والإصرار على عدم إنهاء الأزمة. فما دامت هذه القضية لم تكن هناك مكابرة، ولم يكن هناك إصرار، وإنما النوايا كانت تنوي أن يكون هناك يوم من الأيام أن تعود العلاقات إلى مجاريها، هذا هو الانطباع الذي أثني عليه بأن هذا الخلاف وجد إنهاءا، هذه الأزمة وجدت التخلص منها بإذن الله في قمة العلا، القمة الـ41 لمجلس التعاون الخليجي.
فمنطقة الخليج عندما قلتِ لي بأن أبدي انطباعي وشعوري، كنت أرى بأن هذه الأزمة كانت تهدد قضايا كثيرة، لأن دول الخليج يجب أن تكون تحظى بأمن واستقرار سياسي، وتحظى بأمن واستقرار تنموي تحظى بأمن واستقرار أمني .. لماذا؟ لأنها في قلب العالم. منطقة الشرق الأوسط تعلمون أنها تحيطها قضايا كثيرة. مشاكل إقتصادية، مشاكل سياسية، مشاكل أمنية. القضية الفلسطينية موجودة، القضية النووية الإيرانية موجودة.
علاقات الجوار لدول أخرى، كإسراييل وغيرها موجودة، وهناك أيضا قضايا أخرى. قضية الإرهاب، قضية التطرف الديني الذي أصبح الآن ورقة عالمية. هناك أيضاً تحديات العصر .. التكنولوجيا، وهناك الأزمات الإقتصادية. فهذه المنطقة يجب أن تحظى بوحدة وأن تحظى باستقرار حتى تتهيأ وحتى تكون لها الرؤى الصالحة، وحتى تكون لها القدرة على مواكبة هذه المشاكل.
– ما هو موقفكم تجاه هذه المصالحة التي تمت مؤخراً .. موقف جزر القمر؟
– جزر القمر أصدرت بياناً حكومياً لمناشدة ومباركة هذا الصلح، هذا البيان بورك فيه قيادات البلدين أولا، والقيادات الخليجية، وأيضاً القيادة الكويتية التي كانت رائدة في الوساطة من أجل هذا الصلح. كما أن هناك أيضاً مواقف بناءة، المواقف الأمريكيةوغيرها. وهناك أيضاً أدوار تمثلت لها الدول العربية الشقيقة.
جزر القمر أصدرت هذا البيان كغيرها من الدول في المقام الأول لمناشدة على هذا الصلح ومباركة على إنهاء هذه الأزمة. وأيضاً دعوة الأطراف إلى تجاوز الخلافات من أجل الحفاظ على الصف الخليجي ووحدة البيت العربي.
– هل وزارة الخارجية قامت بأي اتصال للتهنئة على هذه المصالحة؟
– الاتصال هو البيان الذي حصل، تعلمون أن هذه الأزمة دامت ثلاث سنوات، فهناك دراسات وهناك مراجعات دبلوماسية ومراجعات سياسية تتوالى. تعلمون أيضاً بأن الدبلوماسية هذا مجال مختص للقيادة العليا لرئيس الدولة بالتعاون مع وزارة الخارجية. سوف يكون هناك تنسيق بين الاختصاصات العليا وبين وزارة الخارجية. إذا كان هناك ما يمكن قوله هنا، هو أن الحكومة القمرية كغيرها من الحكومات العربية باركت وناشدت، الإشادة هذا جزء من الموقف، لانه لو لم يكن هناك إشادة طيبة لكان هناك نوع من التحفظ ونوع من الإشارة الغير مفهومة. وإنما إذا كانت هناك إشادة ومباركة معنى ذلك أن القضية في عين الاعتبار، وأن القضية تدرس وتتخذ الإجراءات اللازمة في حينها، لأن لكل شيئ أوانه ولكل شيئ تخطيطاته ولكل شيئ وقته.
– طيب .. إذن سعادة السفير، بحكمك سفيراً متجولا بالخارجية، هل تتوقع أن العلاقات بين جزر القمر وقطر ستعود تلقائياً أم تحتاج إلى تدخل طرف آخر؟
– الدبلوماسية من المسائل الحساسة، وإن العلاقات الدبلوماسية تنقطع بمجرد كلمة، ممكن أن تعود بمجرد كلمة. فما دامت المشكلة الكبرى هو التصالح، والتصالح حاصل، الأزمة أنهيت، هي ما كانت تهم الجميع، عودة الأمور إلى مجاريها هي أمور تلقائية ستأتي تلقائيا حسب جريان الأمور، وأما التوقيت على ذلك هي من اختصاصات القيادة العليا، من اختصاصات رئيس الدولة ووزير الخارجية.
أما النية على إنهاء الأزمة، أعتقد أنه إذا كانت هناك أزمة وإذا كان هناك خلاف أنهي وأزمة انتهت، أعتقد أنه لا مجال للقلق فإنها ستعود في الوقت الذي تراه الأطراف مناسبا وهو أمر يعود إلى القيادات.
– يعني المسألة مسألة وقت؟
– المسألة مسألة وقت ودراسة، لأن ما كان يهمنا هو التصالح وقد حصل، والآن، الأمور سوف تتابع في أوانها وبكل خطواتها أولا بأول.
وقبل نهاية هذا اللقاء يجب أن أقدم شكرا جزيلا إلى القيادات الخليجية وإلى القيادة الكويتية التي أوصلتنا إلى هذه القفزة وإلى هذا التدرج الذي يؤمن لنا المستقبل العربي الخليجي والعربي الإسلامي أيضاً، لأن هذه المشكلة حقيقة نعتبرها جزءا من إشكاليات العصر التي عشناها، ونحن الآن نعتبر أن العام الجديد استقبلناه بهذا التبشيري. وهذا الأمر الذي سوف يجعلنا نعطي آمالا محمودة وآمالا طيبة بأن مستقبل العالم العربي وأن مستقبل الشرق الأوسط سيكون باسما وسيكون زاهرا في المستقبل القريب بسبب هذا الالتئام الأخوي، وبسبب هذا الالتئام العربي.
جزر القمر أيضاً، أبشرها بهذا الصلح وبهذه المصالحة، لأنها قادمة إلى دولة صاعدة، والآن سوف تحتضنها الإخوة الأشقاء، ولا مجال هناك للقلق مادامت الخلافات قد زالت ومادامت الفرقات قد ذابت، ونحن الآن إن شاء الله، سوف نتشمر لأن نواجه القضايا التنموية والقضايا السياسية التي تنتظرنا إلى حلول مبكرة.
ونشكركم شكراً جزيلاً مرة أخرى على هذا اللقاء الذي نعتبره أيضاً من اللقاءات الهامة في هذا الوقت بالذات.
– أشكركم مجددا سعادة السفير على هذه الاستضافة، ونتمنى أن تعود العلاقات بسرعة بين قطر وجزر القمر، العلاقات الأخوية والسياسية.
– وهذا ما يدعوه الجميع.
– إن شاء الله.
وفي ختام هذه الحلقة أشكركم مشاهدينا على حسن مشاهدتكم لهذه الحلقة ودمتم في رعاية الله والسلام عليكم.
أجرت الحوار المذيعة بهيئة الإذاعة والتلفزيون – عزة علي محمد منصور