في عرف المجتمع القمري العظيم، الغالب أفضل من المغلوب ، و تكمن المشكلة هنا أن التفاضل بين الأفراد لا يقاس بمقياسٍ واحد في عرف السياسة ، فرب غالب في جولة ما و بمقياسٍ ما، هو مغلوب في مقياسٍ آخر .
تأمل قليلا أيها القارئ المحترم ، في بعض السخافات و الخزعبلات التي انشغل بها أفراد المحتمع القمري في بلدنا الأفريقي الجميل ، فالمبادئ الاجتماعية الكبرى و السياسية العظمى التي نادى بها مجموعة ( مَبِيجَا) أُهملت، و أخذ الناس يهتمون بأفراد هذه المجموعة و تكاد تكون هناك حرب كلامية حولهم .
هناك شيء من اليقين أن مجموعة مَبِيجِا قامت بثورة على المترفين من نبلاء السياسة و الاجتماع ، من خلال الأفكار و الشعارات الكبرى التي تلامس واقع كل فرد في المجتمع القمري و يشكل أزمة حقيقية على المجتمع ، فقد نادت هذه المجموعة على تحقيق المساواة و العدالة و العيش الكريم و مكافحة الفساد و إصلاح مؤسسة القضاء و منع الاغتصاب بتشريعات رادعة،
لو فككنا هذه الأفكار لوجدنا القيم البدوية الأفريقية العربية ظاهرة ، فقد ترعرعت هذه المجموعة في حضن العادات و التقاليد المقدسة التي تقوم على المساوة و التعاون بين أفراد القرية و المدن و على الاشتراك في الأفراح و الأتراح على أساس متعارف بين المجتمع القمري كافة .
و لعل كان هذا دعوةً لتجديد الوعي الاجتماعي و السياسي أو أنها رؤية لمراجعة الثوابت و إعادة التفكير بعمق ما أنجزها نبلاء السياسة و الاجتماع منذ استقلال الدولة ، ثم إنتاج استراتيجية جديدة تمثل أفكارا عملية وحقيقية و جهودا مخلصة لخلق أشكال و أنماط جديدة من السياسات التقدمية ، من خلال الاعتماد على الكفاءات الوطنية الغير منخرطة بشكل مباشر في صناعة السياسة في بلدنا الأفريقي الجميل. وبذلك تكون الدولة أمام طريق ثالث بين المعارضة و الحكومة، لتُكون استراتيجية جديدة للخروج من الأزمات التي تعصف بالبلاد ،
فكرة تبدو للوهلة الأولى أنها مثالية لكنها جديرة بالتفكير بعمق ، إن مجموعة مَبِيجَا تقدم نفسها بوصفها تجديد للوعي الاجتماعي و السياسي و أنها تمثل الطريق الثالث بين المعارضة و الحكومة ،
في المحصلة : الطريق الثالث بكل بساطة هو إسناد السلطة إلى الكفاءات الوطنية و وضع جانبا تلك المجموعة من نبلاء السياسة التي حكمت الدولة منذ عقود من الزمن .
بقلم/ محمود ناصيف مهوما
كاتب ومحلل سياسي قمري
كل الآراء الواردة في المقال يتحمل الكاتب فقط كامل المسؤولية