يُحيرني النخب السياسية القمرية، عندما أتطرق لحديث عن الفجوة ومحتوياتها في ظل الحكومة القمرية ، رغم قلة فهمي المحدود نسبيا عن محيطها السياسية، ولكن تراودني في تبلور هذه الأفكار، المفاهيم المعاصرة التي تحاصر المجتمع المحلي تحت سقف حكومة ديمقراطية معتبرة دوليا ومحليا، ولذلك كان وقت إملاء مقالتي هذه ، حينما أشاهد المجتمع القمري يعيش دون قيمة ولا رقيب ولا رؤية واضحة لدى السلطة الحاكمة، تلاشت رؤاه وتورطت أفكاره، وانحطمت مشاعره ، وتفككت آماله، وتغلغل إليه سم قاتل من الكسل والبطالة والاستكانة وذلك عبر تهميش واضح من الحكومة القائمة على أمره ، وعندما ألفت نظري لخطورة هذا الأمر أجد جميع المواطنين عجزوا عن إبداء رؤاهم حول ما يجري في النظام الحالي لشدة بطشه ومنعه لحرية الرأي والتعبير ، فتولدت من ورائه الضغوطات المتراكمة، إلى جانب انهيار الحقوق والحريات بلاش .
وحتى يمكن فهم نظرية الفجوة يمكنني اختصارها بالتباين في وجهات النظر بين المطالب الرئيسية التي يحتاجها المجتمع القمري كتوفير متطلبات الحياة اليومية، وبين رغبة القائمين على السلطة بتوزيع دائرة نفوذهم وضمان هيمنتهم وبقاءهم في سدة الحكم .
ومن ثم بات ما يعتقده السياسي بأنه منجز يقدمه لشعبه، ليس هو في الحقيقة ما يريده الشعب ، وإنما ما تريده حاشية الحاكم وما يرضى به زبائنه المقربين .
إن تراكمَ أخطاء الحكومات السابقة ، والغياب التام للمعارضة في الساحة السياسية ساعدت لسياسات تنموية لا تطبق على أرض الواقع أو انتخابية أنتجت فجوة ببن تسارع الحراك الاجتماعي وزيادة في اهتمام الأجيال الجديدة بالمجال العام .
لا سيما في ظل تزايد أعداد البطالة في حملة الشهادات العالية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد نافذة للتعبير عن السخط وعدم الرضا عن السياسات العامة .
وعلى الرغم من محاولة بعض المراقبين الترويج بأن حكومة السيد / غزالي عثمان تمثل نوعا من الاستجابة لحركات المواطنين والاحتجاجات الثورية ، لكن هذه الفرضية غير صحيحة ، إذ لا تبدو المؤشرات إيجابية ، وذلك منذ توليه الرئاسة في عهده الأول ، فهو يعمل وفق قناعات فوقية ، قد يكون بعضها متعاليا عن حاجات المواطن . ولذلك أجد إصدار قرارات يعتقد هو مقبوليته لدى الشارع العام .
وكذلك أجده يركز على البنية التحتية في بعض الأمكنة في العاصمة وغيرها مما تحيطه بمؤسسات الدولة بتشييد الطرق التي تواصل في ربط بين منطقة وأخرى .( كخط متسامهولي)
على الرغم من ضرورة هذه الإجراءات والقيام بها ، لكنها لا تشكل الأولوية لدى المواطن الذي يأمل من الحكومة ان تهتم بتحسين المستوى المعيشي ، وتقديم معالجات لشيوع الفساد واستغلال السلطة أو التمييز الفاحش بين مواطني جزيرة واحدة ، على سبيل المثال هنالك تفاضل فاحش يدور في أبناء منطقته أو بلديّته بتوفير لهم فرص العمل وتوظيفهم على غيرهم من أبناء الوطن كلهم.
إن التحدي الأهم أمام حكومة السيد غزالي وحاشيته يتمثل بمسألة إعادة الثقة بين المواطن والدولة في كف ميزاني موحد .
وختاما ، إن التعاطي مع الأزمات والمتطلبات المجتمعية بمنطق الخطط يؤدي إلى عجز النظام السياسي عن الاستجابة والاحتواء لمطالب حركة الأجيال، وبالنهاية يساهم في تعميق الفجوة الإدراكية بين رؤية الحكومة ورؤية الجمهور .
وما لا يدركه الرئيس غزالي هو العلاقة المباشرة بين المواطن في الجزر الثلاث والحكومة على جميع الأصعدة الداخلية والخارجية ، والتي لا تتم إلا من خلال وزارات الدولة و مندوبياتها في الخارج وهي السفارات ، وليس من خلال شخصيته كرئيس للحكومة فقط أو حاشيته الحاكمة مرتبط بشخصه ، وإنما تكون تلك الوزارات والسفارات محلا لاستنشاق المواطن حقوقه أينما وجد .
بقلم د/ عبده ممادي مرمعنا – المتخصص القانون العام