أصطحبكم في رحلة وعي أغوص من خلالها في عمق خطاب مفتي الجمهورية السيد طاهر جمل الليل حفظه الله و رعاه و كذلك خطاب فخامة الرئيس و الإمام عثمان غزالي رئيس الجمهورية في افتتاح جلسة ) )
إرث إلزامي وُزع على المفتي و الرئيس بالتساوي لا فرق بين الشخصيتين في ذلك إلا بمقدرة المهارات و القدرات في تأويل الآيات و الأحاديث النبوية و تطويع البيئة الدنية القمرية و استخدام الأدوات التحليلية لإقناع الشعب القمري على القبول و الاستسلام للأمر الواقع ،
يقول الله عز وجل. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) آية كريمة يرددها كثيرا سماحة المفتي حفظه الله على مسامعنا في كل محفل جماهيري هو بذلك يأمر الشعب القمري بوجوب طاعة أولي الأمر مهما كان ظالما أو مقصرا في واجباته الملقاة على عاتقه ،
و المتابع لسياق الآية الكريمة يجد أن الآية تأمر بطاعات ثلاث ١- طاعة الله ٢- طاعة الرسول ٣- طاعة أولي الأمر ، لكن الملفت للدهشة أن سماحة المفتي حفظه الله و سامحه الله ، يقفز إلى الطاعة الأخيرة و يصب جل اهتمامه في تكريس هذه الطاعة بين الشعب القمري ، و نسي أو تناسى أن طاعة الله و الرسول مقدمة على طاعة أولي الأمر ، ( فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) في حال التناقض بين الطاعات ،
و لو رجعنا قليلا إلى الوراء و أصغينا بكل تمعن ووقار إلى الدروس الدينية التي كانت يلقيها سماحته قبل أن يستلم دار الإفتاء ، لوجدنا أنه كان يدعو إلى مكافحة الظلم و الترف و التعالي و الاستبداد بكل أشكاله ، فلما استوى على عرش الإفتاء أصبح بحاجة إلى من يكافئه.
حق الرئيس الإلهي( تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ) هذه الآية الكريمة كثيرا ما يتلوها فخامة الرئيس على مسامع الشعب القمري العظيم و يقدم تفسيرات تدعم و تعزز سلطته- حق الرئيس الإلهي -نظرية دينية سياسية ، يعنى أن الله منحه سلطة سياسية دنيوية بشكل مؤقت يحكم الدولة بشرعية مستمدة من الله بشكل غير مباشر عن طريق إلهام الله للشعب القمري باختياره عبر انتخابات شارك فيها جميع الشعب لتنفيذ أمر الله ،
ويُعتبر أي نوع من العصيان والخروج عليهم ذنبا بحق الله ، ،إن التفسيرات التي يسردها فخامته تروج للخرافات و تثبت وضعا قائما ، مستفيدا من مقولة ماركس الدين أفيون الشعوب ، الرئيس يقدم تفسيرا تبريرياً تدعيمياً ، تفسيرات دينية تحمل الشعب على قبول الأمر الواقع و رسخ اعتقاد أن الوضع الراهن من صنع الله بحكمته و علمه وقدرته ، و أن هذا مصير محتوم و مقدر ،
أرى أنه تفسير ديني تخديري ، يلهم الشعب بعدم نقد أي وضع هم عليه ، تفسيرات يسوغ استغلال طبقة نخبوية على أخرى ، فلا مجال هنا للنقد أو الاعتراض ، الجميع بحسب التفسيرات الواردة ليسوا مسؤولين عما حصل و يحصل ، لأنه خارج عن دائرة قدرة الشعب ، و يدخل في نطاق إرادة الله و مشيئته ، لذلك لا مجال للشكوى عن الوضع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي و التعليمي، لأنه من صنع الله ، و لا مجال للألم لأن الجزاء في مكان آخر في جنة الخلد الذي و عدها الله للصابرين و ليس في هذه الدنيا الفانية ، لذلك الشعب القمري بكل أطيافه مطالب بالصبر و مزيد من الصبر لكي ينال مضاعفة الجزاء و الأجر الوفير ، (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)