باحث في العلاقات الدولية والإنسانية بالمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس
جملة من التحديات تواجه حزب الاتفاق من أجل تجديد جزر القمر بعد سلسلة من الاستقالات والهزائم المتتالية في البرلمان والتريث حول تمرير الدستور الجديد ، مرورا للبيان الثاني للدكتور حامد كرهيلا والذي يوضح مدى صعوبة التحديات التي تواجه مستقبل الحزب على المدى القصير. كما يتضمن البيان وفقا لنظرة المحللين السياسيين عن إخفاق الحزب في إدارة الصراع الداخلي الذي أصبح كمرض عضال يحتضنه الحزب منذ فترة من الزمن.
غير أنه ولحسن الحظ، استطاع الرجل المريض رغم كل ذلك لملمة بعض جراحه مستعينا بأطباء من حزب الشمس بزعامة الأستاذ محمد عبدالله محمد سامبي، الذي يخضع حاليا تحت الإقامة الجبرية مستغلا في ذلك قلة الخبرة السياسية التي يعاني منها الحزب المذكور للوصول إلى الحكم في بيت السلام. كما استطاع دخول قبة البرلمان بعضو واحد فقط، هو الدكتور مولانا شريف، رجل الظل الذي حال دون انهيار العروش من فوق رؤوس أصحابها مما يؤكد مدى ضعف كتلة ما تسمى بالمعارضة.
إلا أن بعض المراقبين عن قرب لأبجدية الحزب لا يزالون يشككون في أبعاد الاستقالة الجديدة لمعالي الوزير، والظروف المحيطة لها والتي أدت إلى اتخاذ قرار الاستقالة في هذا الوقت بالذات، وقت حافل بالمناورات السياسية، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا لم يوضح الوزير حتى الآن مستقبله السياسي، من انضامه إلى المعارضة أو عدمه؟ وهل يمتلك الوزير الرصيد السياسي الكافي لفتح جبهة مستقلة على غرار الجبهة التي فتحها الدكتور مولانا شريف، عندما تحدى الحزب بالكامل في انتخابات المحافظين؛ أليس مجرد مناورة سياسية ثم سينجلي المستور؟ أهو رد فعل جاء متأخرا انتقاما لموقف الحزب إبانا الانتخابات السالفة الذكر، والتي سبقت أن مُني الحزب بخسارة فادحة؛ أم هو نوع من صراع العمالقة داخل الرجل المريض؟
لا شك أن تلك الأسئلة وغيرها سيكون لها محل من الإعراب في الأيام المقبلة غير أن الذي يهم المواطن العادي حاليا والذي يتابع الموضوع عن كثب، هو معرفة حقيقة مايدور داخل كواليس الحزب. إنه لا يخفى على أحد ماجري في الفترة التي سبقت تلك الانتخابات من اضطرابات داخلية أدت إلى بروز منافسة حادة بين الدكتور مولانا شريف، نائب رئيس البرلمان الحالي، والدكتور حامد كرهيلا الذي عين رسميا من قبل الحزب لخوض الانتخابات عن محافظة جزيرة القمر الكبرى. خطوة أدت إلى ظهور عمق التحديات التي تواجه الحزب بإعلان الدكتور مولان شريف عن فتح جبهة جديدة مناوئة لفكرة ترشيح المذكور، متحديا في ذلك الإمام غزالي نفسه واتجاهات حزبه بالكامل.
الوزير المستقيل بالرغم من إعلان الحزب عن دعمه الكامل لم يصادفه الحظ في رسم البهجة والسرور في وجوه الناخبين المنتمين لحزب الاتفاق من أجل تجديد جزر القمر في الانتخابات الأخيرة؛ بل بالعكس فقد خسروا الانتخابات، وزادت سخونة الموقف بين عمالقة الحزب من جانب وبين الإمام غزالي الذي عجز هو الآخر عن إبراز نفوذه للمحافظة على وحدة الحزب ومصالحه الاستراتيجية، وبالتالي فإن خطوات الوزير المستقيل وفقا للمحللين السياسيين يرون أنها جاءت متأخرة نظرا لإحساس الوزير أن العملية لم تكن إلا مجرد خدعة من قبل جماعة ضغط داخل الحزب لوضع مستقبله السياسي في مأزق حتى يتمكنوا من إخراجه من دائرة الحزب دون رصيد سياسي يمكنه من التكيف مع الوضع السياسي المضطرب أصلا على أرض الواقع. ويبرهن المحللون تلك الاستراتيجية من موقف الإمام غزالي المتذبذب حيال القضية، والذي وقف موقف المتفرج في ميدان المصارعة.
من هنا يبدو أن استقالة الأمين العام للحزب، وزير الدولة لدى وزارة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي، ماهي إلا نتيجة من سلسلة نتائج صراع العمالقة داخل الحزب الحاكم، وأن الوقت لازال مبكرا لإحصاء المفاجآت.