قد تابعنا الجزء الأول لهذا الدرس و علمنا كيف نُثَنِّي الاسم المقصور و المنقوص ، و عرفنا نقاطَ التلاقي و الاختلافِ بين الاسمين ، و بقي الجزء الأخير منه و هو الاسم الممدود و وعدتُّكم أن أفرد له حديثًا خاصا ، و هذا أوان الوفاء لما وعدتكم به ،و هذا الشروع للقصد الذي بيَّتناه .
قد سبق أن عرَّفناك معنى المصطلح ” الممدود ” و هو الاسم الذي تُمد ألفه كـ ( سماء – كساء – علباء ) و همزة الممدود أربعة أوجه :
الأول : أن تكون أصلية
الثاني : أن تكون بدلًا من ألف التأنيث المقصورة
الثالث : أن تكون بدلًا من ياء زائدة للإلحاق
الرابع : أن تكون بدلًا من حرف أصلي ( واو – ياء )
أما الوجه الأول و هو أن تكون الهمزة أصلية فإذا كانت أصلية وجب إبقاؤها كما هي عند التثنية ، فـتقول في تثنية هذه الكلمات ( قُرَّاء – وُضَّاء – خِباء ) قراءان – وُضاءان – خباءان ، و في حالَي النصب و الجر ، تقول : قراءين – وضاءين – خباءين ، كما ترى أنه لم يحدث تغيير لهذا النوع من الاسم إن كانت الهمزة أصلية .
أما الوجه الثاني : فإذا كانت همزته مبدلة من ألف التأنيث المقصورة ، مثل ( صحراء – حمراء – خضراء – بيضاء ) فإن أصلها ( صحرى – حمرى – خضرى – بيضى ) وجب قلبها واوًا عند التثينة ، فـتقول : صحراوان – حمراوان – خضراوان – بيضاوان ) و في حالَي النصب و الجر ( صحراوين – حمراوين – خضراوين – بيضاوين ) فهذا أول تغيير تلاحظه لهذا النوع من الاسم .
الوجه الثالث :
و إذا كانت الهمزة مبدلة من ياء زائدة للإلحاق ، و معنى الإلحاق أنك تزيد مبنى الكلمة بزيادة حرف حتى تُلحقَه بـوزن اسمٍ آخر ، فمثال هذا النوع ( علباء – حِرباء ) فإن همزتهما مبدلة من ياء زائدة للإلحاق بـ ” قرطاس ” و كذلك إذا قلت : قُوباء ، تكون الهمزة زائدة للإلحاق بـ ” قُرناس ، فأصل الهمزات : عِلباي – حرباي – قوباي ، و هذه الياءات التي في أطراف الكلمات زوائد على أصل الكلمة حتى تُلحق بأوزان أسماء أخرى ، و القاعدة الصرفية تقول : إذا تطرفت الياء بعد ألف زائد قلبت همزة ، فـتقلب هذه الياءات همزة لهذا ، فـعند تثنية هذه الكلمات لك فيها وجهان :
الأول : أن تقلب الهمزة واوًا ، فـتقول : علباوان – حرباوان – قوباوان ، و في حالَي النصب و الجر : علباوين – حرباوين – قوباوين ، لكنَّ القلب في هذا أولى و أحسن من غيره .
الوجه الثاني : أن تُبقي الهمزة كما هي ، تقول : علباءان – حرباءان – قوباءان ، و تقول في حالَي النصب و الجر : علباءين – حرباءين – قوباءين .
الوجه الرابع :
و أما الوجه الأخير و هي الهمزة المبدلة من حرف أصلي ( واو – ياء ) نحو : كساء – حياء – رداء ) فإن أصل ” كساء ” كساو بـواوٍ لأنه من الكسو ، تطرفت الواو بعد ألف زائدة فقُلِبَت همزةً ، و : حياء و رداء ، أصلهما : حياي – رداي ، تطرفت الياء بعد ألف زائدة كما تطرفت الواو في هذا الموضع فقُلبَت همزة كما قلبت الواو همزة أيضا في هذا ، و عند التثنية يجوز لك الوجهان اللذان مضيا في المبدلة من ياءٍ زائدة للإلحاق ، أي : يجوز لك أن تقول : كساءان ، حياءان – رداءان ، و أن تقول : كساوان – حياوان – رداوان ، و قد عرفت كيف تصنع في حالَي النصب و الجر ، و إبقاء الهمزة في هذا الأخير أولى و أحسن من قلبها واوًا ؛ لقربها من الهمزة الأصلية بإبدالها من حرف أصلي .
و هكذا تـم القول في تجميع ما يُشكل عليك تثنيته من الأسماء غير الصحيحة في الآخر ، و ما كان صحيحا كـرجل و فرس و بيت خَطبه يسير معلوم لدى الجميع كيف مثنَّاه ، فاحرص على إيعاب تلك المواضع تفز العُلا ، و دَعِ الإهمال و الفتور كي لا تسقط ، و قد اختصر لك الإمام العلامة ابن مالك الطائي رحمه الله تعالى قائلا :
و ما كصحراءَ بـواوٍ ثُنِّيا :: و نحوُ علباءَ كساءَ و حَيَا
بـواوٍ أو هَمزٍ و غيرَ ما ذُكر :: صحِّحْ و ما شذَّ على نقل قُصِر
عفيف إسماعيل يوسف
طالب دراسات عليا في اللغة العربية وعلومها- جامعة الأزهر