قد يرى بعضٌ أن التثنية سهل على الناطق بالعربية ، و لكنَّ هذا الذي بدا لك هو كما تراه ، لكنَّه صعب على بعض الطلبة غير الأقوياء في العربية ، فقد يجد صعوبة في تثنية بعض الكلمات الخاصة ، كالتي تنتهي بياءٍ أو واو ، أو ألف ، و في هذا السرد نحاول أن نستلخص ما قال به العلماء في شأن هذه الكلمات ، لنُعرِّف الطالب الوجهَ الصحيح ، و نعرض له زبدة كلام أهل المعرفة بنهج العرب في كلامها ، فإنَّ القبح يزداد قباحةً على طالب العربية إذا جهل أبسط الأمور في قواعد اللغة ، لا سيَّما إذا كان هذا الأمر يُعد من أساسيات ذلك العلم ، فانتبه لما ألقيه عليك ، أيها الطالب النجيب ، إليك ما قالوا :
قبل الخوض في غمار الحديث عن التثنية أدعوك لنستوضح المصطلحات حتى تتم الفائدة ، تَعلَّم أن الاسم المنتهي بـياءٍ لازمة في آخره كـ ( القاضي – الداعي – الساري – الناسي ) يسمى بالمنقوص ، و سمي كذلك لذهاب بعض حروفه في بعض الحالات ، و إذا انتهى الاسم بألف مقصورة – و هي التي ترسم كالياء – فَيسمى بالمقصور نحو ( الفتى – موسى – مصطفى – عيسى ) ، و إذا انتهى بألف ممدودة سُمَّي ممدودًا كـ ( صحراء – كساء – سماء – حمراء – خضراء ) فإذا أردتَّ تثنية المنقوص فلا تحذف ياءَه ، لربما تقول : إن هذه الياء ساكنة ، و علامة التثنية التي أجلبها لهذا المحل ساكنة فيجتمع ساكنان و هذا مرفوض في الأنظمة الكلامية العربية ، قلت لك : هو كما زعمت ، لكنك لا تحذف هذه الياء ؛ لأنها لا تظل على سكونها في حال التثنية ، و إنما تتحرك ؛ لوجوب تحرك ما قبل علامة التثنية ، فـتقول : القاضيَان – الداعيَان – الساعيَان – الساريَان ، و في حالَي النصب و الجر ، تقول : القاضيَين – الداعيَين – الساعيَين – الساريَين ، و هكذا قد حصلت على النظام الصحيح من قول أهل المعرفة لتثنية هذا النوع من الاسم ، أما المقصور فـعند التثنية وجَب قلب ألفه واوًا أو ياء مفتوحة عند التثنية ، و إنما لم تحذف الألف للتخلص من التقاء الساكنين ؛ لئلا يلتبس المثنَّى عند الإضافة بالمفرد ؛ لأنك ستقول مثلا : عصا موسى ، فلو حذفت الألف و قلت في التثنية ( عصان) فعند الإضافة يحصل اللبس ، و الألف في المقصور تقلب ياءً في ثلاث حالات :
الحال الأولى : إذا كانت الألف في الكلمة رابعةً أو خامسة أو سادسة ، أي : أن تكون هي الحرف الرابع أو الخامس أو السادس في الكلمة ، فالأول كـ ( مَلهى- موسى – حُبلى ) تقول : ملهيان – موسيَان – حبليان ، و حالَي النصب و الجر : ملهيَين – موسيَين – حبليَين ، و مثال كونها خامسة ( منتمى – مصطفى – حبارى ) تقول : منتميَان – مصطفيَان – حباريَان ، و في حالَي النصب و الجر : منتميَين – مصطفيَين – حباريَين ، و مثال كونها سادسة ( مستقصى – مستدعى – قبعثرى ) تقول : مستقصيَان – مستدعيَان – قبعثريَان ) و في حالَي النصب و الجر : مستقصيَين – مستدعيَين – قبعثريَين .
الحال الثانية : إذا كانت الألف ثالثة ، أي : ثالث حرف ، بدلًا من الياء ، أي : أن أصلها ياء ثم أبدلت ألفا ، نحو ( الفتى – هدى – حمى – رحى – ندى ) تقول : فتيَان – هديان – حميَان كذلك البقية ، كما جاء في قوله – تعالى – ( و دخل معه السجن فتيان / يوسف) و في حالَي النصب و الجر تصنع كما صنعتَ لما رأيته في الأمثلة السالفة .
الحال الثالثة : إذا كانت الألف ثالثة ، لكنها مجهولة أصلها و قد أُمِيلَت ، و الإمالة هي نطق الألف قريبة من الياء ، و إذا أردت تحقيق ذلك أكثر فإن صوت الإمالة يشبه بنطق حرف ( EU ) في الفرنسية نحو : مَتِى – بَلِى ، إذا سمَّيت بهما شخصًا ، تقول : متيان – بليان.
و تقلب الألف المقصورة واوا في حالين :
1 – إذا كانت الألف ثالثة بدلا من الواو ، مثل : عصا – قفا – ضحا – رضا – شذا ، تقول : عصوان – قفوان – ضحوان كذا الباقي ، و في حالي النصب و الجر : عصوين – قفوين – ضحوين و كذا تفعل في الباقي.
2 – إذا كانت الألف ثالثة مجهولة الأصل و لم تُمل ، نحو : لدى – إلى – إذا ، إذا سميت بهن أعيانًا ، تقول : لدوان – إلوان – إذوان ، و حالي النصب و الجر : لدوين – إلوين – إذوين.
نكتفي بهذا القدر اليسير حتى لا يستعصى على الحفظ و المراجعة ، و قد بقي أن نعرف كيف العمل عند إرادة تثنية الاسم الممدود ، و هذا نؤجله إلى أجلٍ لانفراده بخصائص تستدعي الوقوف عليها ، فـلا تنس ما أمليته عليك فإنه يفوت كثيرًا من الطلبة ، و يجهله كثير منهم ، فـكن على علم به ، و على يقين تام به ، فـاللهَ أسأل أن ينفعك ما علمت ، و أن يعلمك هذا اللسان ، و أن يفقهك في دينك ، و يرشدك إلى أسرار هذه اللغة الكريمة !
عفيف إسماعيل يوسف
طالب دراسات عليا في اللغة العربية وعلومها- جامعة الأزهر