غــفــلـــة

    ماذا تعني الغفلة ؟؟ أهي عدم الإدراك شبه المطلق ؟؟ بل هي حضور الإدراك الذي يمسك الغياب بيد وباليد الأخرى يمسك الجهالة ووعيه المسروق يقصيه عن جوهر الموضوع وحقيقته الكامنة في أعماقه . . . . . فهل هذا مانحن عليه ؟؟؟
    أتمنى أن تكون الإجابة _لا _ وأقول من كل قلبي : كل عيد مولد نبوي شريف ونحن بخير وغارقون في بحر نور الصلاة عليه، متبعين سنته صلى الله عليه وسلم، ممتثلين لأوامره منتهين عن نواهيه ،سائرين بدربه ،ماضين على نهجه، متمسكين بتعاليمه ، عاشقين له ولصحابته وتابعيه ومحبيه إلى يوم الدين ..
    كل عام وكل يوم أتمنى أن نكون في قمة الصحو من غفلتنا ليحتفي بنا صلى الله عليه وسلم كأمة إسلامية حقاً كما نحن نحتفي بمولده الطاهر المقدس ليس كل عام فقط بل كل لحظة وثانية ..
    ومن أجمل ما قرأت مكتوب جاءنا من القرن الرابع الهجري من صاحب الرؤى والفكر العميق ..أبي حيان التوحيدي … قال فيه : || أيها الغائص في الدهشة ..أما لك من صرعتك نعشة؟
     يا هذا .. دع عنك ما خباله عاجل بياناً ..و وباله آجل زماناً .. أما تمتعض من وقوعك في فخ الهوى وشرك الشيطان بسبب ظاهري لا ثبات له وعارض لا غيث معه ؟ لكنك في سكرتك عامِه (متعامٍ) ..وفي صحوتك من خمارك واله ..والندامة والحسرة يجتمعان في العواقب .. يا خائضاً في الشبهات على الشبهات، و يا ثاوياً في الضلالات بعد الضلالات، معتقلاً في الجهالات بعد الجهالات ..متى يكون انتباهك ؟؟ وإلى أي حد يبلغ سهوك ؟؟
    لعمري إن فطام الأرواح عن الأجساد أشد ، وفوت الدنيا والآخرة خسرانه أبين .. ألا قفوا على ديار الهالكين و استخبروها..كيف تفرقت تلك الاجسام الكثيفة ؟ و اضمحلت تلك الجواهر الشريفة؟
    سباكم الشيطان من أوطانكم فباعكم في أرض أعدائكم بثمن بخس .. فبقيتم في بلاد الغربة بلا أنس ولا سلوى .. غرقتم في بحار الغرور وركضتم في ميادين إجرامكم .. أسلل نفسك من هذا العاجل المحشو بالتمويه . . ولا تجنح في كل ما تراه عينك إلى ظاهره بل غص في خفيته ودفينته فهناك اللب و الحقيقة.
    هكذا أشار التوحيدي وأجاد ووفى _ فجددي العهد يا أمة محمد وأيقظي البصيرة من غفلتها ليرى بصرك الحقيقة.. كوني كما يحب الحبيب صلى الله عليه وسلم أن تكوني ثم املأي الكون احتفالات وبهجة.

    نهى إبراهيم سالم

    كاتبة وشاعرة

    Leave a Reply

    Your email address will not be published. Required fields are marked *

    Back To Top