رسـالـة إلى عـلـمـاء جـزر الـقـمـر

بسم الله الرحمن الرحيم
العبد الفقير إلى الله / سليمان محمد يوسف
طالب دكتوراه في القضاء الشرعي
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد الصادق الامين وعلى آله وصحبه أجمعين
أتوجه -بهذه الرسالة- إلى علماءنا في جزر القمر مذكرا وناصحا 《فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين》، داعيا لله عز وجل أن تكون هذه الرسالة سبيلا إلى الاعتصام بحبل الله و وحدة الصف بين علماء و طلاب و بين الراعي والرعية الحاكم و أحزاب سياسية.
حضرات العلماء الافاضل : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته إن جزر القمر الآن تمر بأوقات رزية عظيمة وفتنة عمياء و مآثر لم يشهد تاريخ جزر القمر لها مثيلا لا من قبل الاستعمار و لا من بعدها ، لا من قبل فترة الإنقلابات و لا من بعدها ،،، فتنة وقع فيه من وقع ، من جميع المواطنين علماءهم ، سياسيون ، صحفيون ، كبار و صغار وقعوا فيه إلا من رحم ربي… منكم من شارك في هذه الفتنة بلسانه و منكم بقلبه و منكم بصفة و ضيفته . ألا و هي : ( ما حل بنا منذ 2016 إلى وقتنا الحاضر ) ، فلا تشريع رباني بهيبته تحترم و لا قانون وضعي تطبق ، فسارق يخلى سبيله ، و تارك للقنوت بين أربع جدران في سجن مظلم كأنه آتى ما لم تأت به أحدا من العالمين .إذاعات أغلقت ، معارضون في إقامة جبرية ، مساعي لتقنين قانون ترخيص أساتذة المدارس و خطباء الجمعة…. الخ.
فتنة لا يكاد الواحد يميز بين صادق و كاذب من ناحية السياسين و بين عاقل و جاهل . فتنة سياسي بسببها تفرق الأقارب ، تشتت البلدان و تحول فيه الأمر من حرب كلمات سياسية إلى حرب قد أينعت و بدأ تقطيف و إزهاق أرواحا لا يدري المرأ لما قتل !!!
حضرات العلماء : إن في مثل هذه الفتن قد حذرنا نبي الرحمة صلى الله عليه و سلم ، و أرشدنا كيف يتصرف من عاش و أدركه تلك الزمان – زمان الفتن- فقال : ( سَتكون فتن ، القاعد فيها خير من القائم ، القائم فيها خير من الماشي ، و الماشي فيها خير من الشاعي ، و من يُشْرِف لها تَستَشرِفْه ، و من وجد مَلجَأ أو معاذا فاليَعُذ به ). و في حديث آخر : يبين لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ما سوف يكون في أخر الزمان . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل ، فقيل كيف يكون ذلك ؟ قال : الهرج!! القاتل والمقتول في النار.
علمائنا الأفاضل : أنتم في الأرض كالنجوم في السماء ، هدي الطريق و رجوما للشياطين و أصحاب الأفكار المدمرة لمستقبل البلد ، أنتم رموز أمن وآمان في بلادنا ، الشعب القمري يراكم من حيث أنتم ذاهبون و يسمعونكم من حيث تتكلمون ، فتذكروا أن التاريخ يسجل مواقفكم ، شجعاء أم جبناء… إعلموا أن منكم من يؤيد الحكومة الحالية و منكم من وقف في صف المعارضين و منكم من لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء و ليسوا مذبذبين . و لكل يحترم موقفه و رأيه ما كان مخلصا فيه… و علما للجميع أن كلكم هناك من يدبر و يتربص عليكم الدوائر ، لتقعوا ثم يسقط مكانكم و شرفكم .
أيها العلماء : إن استمرار هذه الحالة و عدم توحيد الكلمة بينكم و عدم حزم السعي لأعادة الأمن و الآمان بالنصح و كلمة حق أمام المسؤولين ، مما يسيئ شرف الجهة المختصة لشؤون الإسلامية في بلدنا ، حاضرا و مستقبلا.. إذ ليس دور العالم منحصرة بالفتاوى و إخبار الناس عن الهلال بدءا و انتهاءا ، لكن عندكم دور غيرها في المجتمع القمري ، اصلاح ذات البين ، النصح للحكام ، تشجيع المصلحين ، منع الظلم ، طلب محاسبة الفاسدين ليكون زجرا و عبرة للأخرين.. إنكم بعلمكم و بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر إنكم خير الناس ، قال تعالى: (كنتم خير أُمّة أخْرِجتْ لِلنَّاس تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) . و قال تعالى : (ولتَكن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عن الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .
و إنطلاقا من هذه الآيات ، لا يسعني في رسالتي هذه إلا أن أذكركم بموقف و حال بعض الصحابة و السلف الصالح أمام زمن الفتن و كيف تصرفوا فنجّاهم الله تعالى ، فلم يصبوا دما أو ازهاق روحا بسبب فتوى أو قول … فهل بهداهم تهتدي ؟؟ – فعلى سبيل ذلك الصحابي الجليل أنس ابن مالك عاش إلى زمن الحجاج بن يوسف ( عرف من الحجاج الطغيان و سفك الدماء و الاستبداد ) إلا أن أنس بن مالك لزم بيته و لم يحرض المسلمين للخروج و المظاهرات – حكمة بالغة رءاها فوازن بين المصالح و المفاسد و سد الذريعة . و لكن بموقفه هذه لم يركن إلى الظالم و لم يقف بجنبه ،،، فأين أنت أيها العالم القمري بمثل هذا الحالة !!؟؟ – و هذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قِيل له : ألا تقاتل ؟ إنك من أهل الشورى و أنت أحق بهذا الأمر من غيرك ، قال : لا أقاتل !! حتى يأتوني بسيف له عينان و لسان و شفتان يعرف المؤمن من الكافر ، فقد جاهدت و أعرف الجهاد . • تماما مثل ما يجري في الساحة القمري الآن يا علماءنا ، نحن في فترة لا يدرى مآل النوايا ، فكل يناشد بليلى ، الحاكم الحالي يقول كذا و المعارضين بكذا و كلٌ يدعي مصالح البلد و الشعب ، فأي الفريقين أحق بالتصديق ؟؟ ليس عيبا التزام السكوت عند عدم القدرة و الإستطاع أو عدم التحليل بما يجرى ، ففي الحديث ( من رأى منكم منكرا فاليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، … الخ ) لكن العيب أن تقف مع الباطل و تصفقه
أيها العلماء : إن جزر القمر اليوم يقف على شفاحفرة من انهيار الحرية و تراجع حضاري و مصير لا يعلم عقباها و مآلها ، دينا و دنيا ، فمن قال ؛ لا : السجن أحق له . هذا الوقت بالذات الشعب القمري بحاجة ماسة إليكم ، فلا يطالب الشعب القمري أمامكم ، إلا أن تبذلوا قصارى جهدكم في بيان أحكام الشرع في مثل هذه الظروف و في قول الحق، مانعين الباطل، ناهين عن المنكر، مطالبة محاسبة الظالمين ، فإن لم تفعلوا فما فائدة وجودكم !؟ 《 و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسَكم النّار》.

الجزء الأول.. تابع

 

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *