إشكاليات غير عسكرية تهدد الأمن القمري

بقلم / محمود محمد مهوما – محلل سياسي

 

قراءة في لقاء رئيس البرلمان الدكتور عبده حسين مع اذاعة بركة إف إم و فيس بوك أف ام ،  بثت إذاعة بركة و فيس بوك إف إم ، مقابلة مع رئيس البرلمان السيد الدكتور عبده حسين في ٢٩-٦-٢٠١٩ رد رئيس البرلمان على أسئلة الصحفي عبيد، وأثار مجموعة من التحديات والصعوبات التي تحول دون تطور المجتمع القمري السياسي. هذه التحديات تتمثل في سياسات وبرامج لا تحقق المصلحة الوطنية، بل مصلحة ضيقة و مسألة احترام القيادات المسؤولة في الدولة من قبل بعض القيادات الأخرى، وتهميش دور مجلس الشعب، وسلب حقوقه المالية من قبل القيادة الحاكمة، وأزمة قيادية لدى الجالية القمرية التي تطلب التغيير.
لكن في الحقيقة استوقفتني مجموعة من التحديات والتي سوف أصيغها بطريقتي دون إخلال في المضمون الذي طرحها رئيس البرلمان، واخترت أن يكون عنوان مقالتي هذه – اشكاليات غير عسكرية تهدد الأمن القمري.
١-مشكلة عدم اليقين
– إن الشعب القمري مخادع بدرجة النفاق، فهو يعشق من يتفنن في صنع ويلاته و يبدع في ظلمه، وبينما يحارب بكل إخلاص وصدق وأمانة ضد الذين يحملون مشروعات وطنية تساهم في تطوير الدولة والشعب. هكذا أشار رئيس البرلمان الدكتور عبده حسين ، ومن الواضح أن هناك ضياع لكثير من حقوق الشعب القمري المستضعف الذي يحكمه نخبة سياسية تنتج نفسها بنفسها كالجراثيم، وتبدل جلدها كالأفاعي – ونفس الشخصيات تتكرر في كل تغيير حكومي وكأنها تبادل الأدوار أو كاستراحة محارب ثم يعود للقتال مجددا.
هذه النخبة السياسية لا توفر البيئة الملائمة لعيش مقبول أو تؤمن السعرات الحرارية اللازمة للبقاء على بصيص من الأمل، أو على قيد الحياة. شعب محكوم بشعارات زائفة معلبة وجاهزة للتسويق، ووعود من نوع المسكنات المؤقتة ، و مع تزايد هذه الوعود تزداد معها مشكلة الاقتصاد والسياسة وسوء التعليم. وفي المقابل تزداد طبقة أخرى نفوذا اقتصاديا و سياسيا، قسمت هذه النخبة السياسية الثروات الاقتصادية فيما بينها بنسب متفاوتة كل حسب موقعه ونفوذه، مما خلق مشكلة عدم اليقين بينها و بين قسم كبير من الشعب. وتحول إلى شعب مخادع بدرجة تصل إلى النفاق، كما أشار اليه رئيس البرلمان.
لكن يا سيادة الرئيس، ألستم أنتم القيادات السياسية والنخب السياسية من صنعتم شعبا يملك قلبا لا ينبض؟ أليست المصالح الضيقة والمؤقتة، وعدم وجود استراتيجية واضحة المعالم تهدف إلى معالجة جميع أشكال التحديات
والصعوبات التي تقف مانعا من تطور هذا الشعب؟ بقدر ما هي مشكلة موجودة في المجتمع القمري بنفس القدر وأكثر. ساهمت القيادات النخبوبة في ترسيخ وبقاء هذا الواقع لإرضاء المستعمر أولا وضمائر النخب السياسية ثانية،ولتحقيق مآرب شيطانية.
إن النخبة السياسية هي التي ترفع شعارات التغيير وتطرح نفسها كبديل للواقع المرير الموجود الذي صنعته تلك النخب السياسية، وتدير الدولة بعقلية غير منطقية، لا تحاسب نفسها كما يجب، ولا تقيم عملها إلا الجانب الذي يحقق مصلحتها الضيقة.
٢- مشكلة التمييز الطبقي :
إن الشعب القمري مازل تحكمه بعض العادات والتقاليد التي لم تعد موجودة في النظم السياسية المتقدمة في العالم. وهي ظاهرة الوقوف بإخلاص مع طبقة النبلاء (سكان المدن الكبرى) ضد طبقة الكادحين في مسألة تولي الوظيفة العامة، كما أشار إليه رئيس البرلمان دكتور عبده حسين. (وذكر الرئيس نفسه كنموذج لهذه الظاهرة ، حورب من قبل بعض النواب رغم كفائته العلمية والخبرة العملية).
في الحقيقة، هذه المسألة في غاية الخطورة ، ورئيس البرلمان محق في هذا الطرح، ونحتاج إلى البحث عن الحلول لمعالجة لهذه المشكلة، ويجب أن تشارك الحكومات و المجتمع المدني، ورجال الكلمة كل حسب قدرته و مسؤوليته، ضمن حوارات وندوات فكرية تسلط الضوء و تقدم الحلول المناسبة.
لكن هناك مجموعة من الطبقة الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية تزيد من تضليل الشعب، فئات أصبحت وكلاء فكرية مأجورة أو متطوعة تعمل تحت عنوان توضيح الحقائق وتبرر الأخطاء القاتلة للقيادات السياسية، فتزيد من تشويش الصورة لدى الشعب وتساهم في تكريس واقع مؤلم فاستسلم الشعب للإحباط واليأس.
وإن المسؤولية الكبرى في تغيير هذا الواقع المزري تقع في عاتق الدولة، كونها تملك الحق في طرح البرامج والسياسات الوقائية المعالجة، لكي يتمتع الشعب القمري بنوع من الرفاهية والعيش الكريم. جزر القمر بلدة طيبة وشعب يشكل أمة واحدة مصيره وحد، وتطلعاته واحدة، مشتركون في الآمال والأهداف، وحماية الوطن يحتاج إلى شعب حر وقيادة حرة، عشق الوطن في قمة من الإخلاص والإيمان.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *