الفنان سالم علي أمير يمثلني

لن يقلقني إن هاجم عليّ البعض على إعجابي الشديد و الكبير لهذا الفنان الكبير ، فهذا الفنان برأيي صاحب صوت جميل و إذا سألت معجبيه أيضا عن سر حبهم لصوته و أغانيه جاءك الجواب سريعا دون عناء التفكير ، نحن نحبه لأنه إذا غني يشبه صوته أصواتنا و إذا تكلم يشبهنا إلى حد بعيد ،
لكن، دعوني أعود إلى التحليلات السياسية التي أعشقها و أجري مقارنة بسيطة لعلي أقرب وجهة نظر إعجابي للفنان الشعبي القمري سالم علي أمير إلى القارئ ،
كم يا ترى عدد القيادات السياسية في بلدنا الأفريقي الجميل ( جزر القمر ) إذا تكلموا يشعر الشعب القمري العظيم أنه هو من يتكلم ؟ و إذا قام بتصرف معينة أقنعت الشعب بأن الخلاص على أيديهم معقود ؟
بكل بساطة هذا التفكير يقتحم مخيلتي بطريقة غريبة لا أستطيع المقاومة ، و أنا أقرأ الازدواجية في الفهم المتبادل بين الشعب و القيادة السياسية في بلدنا الأفريقي الجميل و بين الشعب القمري العظيم الذي يرى صورة واقعه المرير و البائس – تدني في المستويات – التنمية – التطور و التعليم و الصحة .. الخ
و القيادة السياسية ترى صورة أخرى ، فالشعب يقدم توصيفا دقيقا حول المأساة اليومية كونه يعيشها و يتعايش معها و بين القيادة التي تركن و تتمركز في بيت السلام ( التي لم تعد كذلك ) و تتخذ القرارات و لا تفهم الواقع و بين هذا و ذلك يحدث الازدواجية .
بكل صراحة لا أستطيع منع نفسي من التفكير في هذه المسألة و أنا أشاهد كيف يحتشد بعض الجماهير لاستقبال مسؤول يزور مكانا أو يلقي خطابا في مجلس ما ، و تخرج الجماهير بعدها كما دخلوه أول مرة ، و هي أكثر اصرارا على الابتعاد عن التعاطي مع الخطابات المسيلة للدموع ،
في المقابل تتدفق ذات الجماهير بالآلاف لحضور حفلة موسيقية للفنان سالم علي أمير و لتخرج من بعدها و يشتري المزيد من ألبوماته ، هنا تكمن المفارقة ، القيادات السياسية فشلت في أن تمثل الشعب على الرغم من أنها تمثل الشعب ، لكنها مخادعة و مراوغة و بارعة في نفس الوقت في إثبات للمجتمع القمري أنها تمتلك من المهارات و القدرات على الانسلاخ عمن تمثيلها عبر تصريحات و سلوكيات ،
و في المقابل ذلك الفنان الشعبي سالم علي أمير قادر على تمثيل الآلاف دون أن يدعي أنه يمثلهم أو يمثل أحدهم ،
هناك فجوة كبيرة ، و قد قدم هنتغتون صورة عن هذه الفجوة و سماها ” فجوة الاستقرار ” و هي شعور المواطن بحجم الفارق بين ما هو كائن و ما ينبغي أن يكون ، وكلما ازدادت هذه الفجوة اتساعا ازدادت حالة الإحباط و النقمة في المجتمع “
هناك شيء من اليقين أن الفنان سالم علي أمير لا يعرف شيئا عن ” فجوة هنتنغتون ” لكنه حافظ على استقرار العلاقات العاطفية مع الأجيال من المعجبين عندما استطاع إن يعوض الفقدان التدريجي لنقاء صوته بسبب تقدمه في السن بالارتقاء الجيد بفن الأداء و ملامسة الواقع و هموم الشعب ، خلافا لحالة الانسجام التام بين رداءة التصريحات السياسية و رداءة الأداء السياسي للقيادات و الفواعل السياسية في بلدنا الأفريقي الجميل

 

محمود ناصيف مهوما

كاتب ومحلل سياسي قمري

كل الآراء الواردة في المقال يتحمل الكاتب فقط كامل المسؤولية 

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *