أضواء على جزر القمر اللمحة السادسة والأخيرة

الأديبة والشاعرة نهى إبراهيم سالم
    في جزر القمر سيظل جمال التفاصيل التي تزخرف ثوب الطبيعة هو اللص المحترف الذي يسرق قلوبنا وعقولنا معاً بإصرار عجيب ككل مرة.. لاهو يتوب عن لصوصيته ولا نحن نستاء منها بل ننتظره بفارغ الشوق دوماً لنحتفي بالجمال ونستمتع بتلك السرقة الحلال. السرقةالتي ستكون هذه المرة في اللمحة السادسة بيد الجميلة (جزيرة مايوت mayotte) أو “ماوُوري” كما تنطق محليا، وهي تحفة قمرية أخرى وأقدم جزيرة بين جزر الأرخبيل القمري الفردوسي.
وبالرغم من أن الغالبية العظمى من سكانها مسلمون، لم ينجح الاستعمار في طمس هويتهم وإسلامهم لا هم ولا المسلمين في بقية جزر القمر. إلا أنها – أي مايوت – مازالت تحكمها فرنسا كمستعمرة فرنسية لأنها الوحيدة التي رفضت الإداستقلال في الاستفتاء الذي أدى لاستقلال بقية الجزر كدولة اتحادية، وأنشأت بها فرنسا قاعدة عسكرية بحرية، وخلقت بنية تحتية جيدة و نوعا من الاستقرار ، وجعلت العملة المتداولة فيها هي (اليورو) بينما ظلت تتداول بقية الجزر ( الفرنك) القمري.
أما اسم (مايوت) فهو اقتباس من كلمة “موت” من اسمها العربي القديم جزيرة الموت. وذلك لكثرة الشعب المرجانية التي تمتد بحوالي 160ميلاً تحيط بها كما يحيط السوار بالمعصم. وتتسبب في تحطيم السفن الغريبة التي تقترب من شواطئها، بينما تعتبر من ناحية أخرى مرفأً آمناً للسفن التي اعتادت عليها، إضافة إلى أنها تشكل موطناً للحياة البرية والبحرية.
ولمايوت طبيعة خلابة تتفرد بكونها ذات تنوع ملحوظ نكون فيها بين كونين يجتمعان بين قمم بركانية قديمة وأودية عميقة كثيفة مغطاة بالأشجار المتنوعة وفي أطرافها تعيش قردة الليمور الشهيرة، وحينما نصعد إلى قمة مرتفعات (مونت شونغوي) سنفرد أذرعنا لنملأ صدورنا بهواء نقي ونستمتع بمناظر خيالية وإطلالة رائعة على الجزيرة. أجملها (بحيرة اللاجون) وهي أكبر بحيرة شاطئية في العالم تغري هواة الغوص. إضافة إلى بحر فيروزي تعشقه الحيتان الحدباء، وشواطئ بيضاء تغازلها شعب مرجانية وجزر صغيرة مغطاة بالنباتات تلهو فيها السلاحف الخضراء … أي لوحة بديعة تضاهي هذا الجمال؟!
وفي مايوت يمتهن غالبية السكان صيد الأسماك، وتربية المواشي، والزراعة، وتصدير الفانيليا والأرز والبُن والزيوت العطرية من “الإيلانغ لانغ” التي تعتبر أهم الصادرات إلى فرنسا حيث يستخلصون منها أجود وأفخر وأغلى أنواع العطور. ونستطيع أن نقول أنه رغم الاستعمار ظلت مايوت متمسكة ومحافظة على عاداتها وتقاليدها ودينها الإسلامي وطابعها الإفريقي خاصة في ارتداء الزي الشعبي. فالرجال يرتدون (البرنس) الخاص بالمسلمين الأفارقة وهو عبارة عن معطف واسع مع كوفية وقلنسوة وغطاء مطرز للرأس، بينما ترتدي النساء زي الـ (شيروماني) المعروف. مايوت بشكل عام جزيرة سياحية جداً رائعة رغم وصف البعض لها بأنها تقليدية مقارنة بأخواتها ، إلا أنها تضم كثيراً من الأماكن الترفيهية للسباحة والغطس والإبحار والصيد والاستجمام والاسترخاء والراحة والإداستمتاع بالمناظر المختلفة براً وبحراً.
(ماموزُّو mamoudzou): هي أكبر مدن مايوت وعاصمتها السياسية والإقتصادية وتنقسم إلى ثلاثة مقاطعات، ماموزّو الأولى، ماموزّو الثانية وماموزّو الثالثة. وفي هذه المدينة يوجد أكبر ميناء في البلاد وأكثرها حركة وصخباً طوال اليوم ويعود ذلك لسببين، أولهما: لأنه يصدّر ويستقبل التجارة الخارجية، وثانيهما مايوت عبارة عن جزيرتين متقاربتين متقابلتين، تقع مامودزو في الساحل الشرقي لجزيرة الأرض الكبرى .. تقابلها مباشرة مدينة (زَّاوُزي dzaoudzi) على ساحل جزيرة الأرض الصغرى، وقد كانت هي العاصمة السابقة لمايوت قبل ماموزّو حتى عام 1977م.
وتعتبر ماموزّو مقرا رئيسيا للشركات والتجارة وأفضل الأماكن للتسوق والمطاعم سواءاً كانت شعبية أو عصرية فخمة، وسيحظى زائرها بالعديد من المأكولات الفرنسية كالضفادع و أرجل السلطعون وغيرها. وأيضاً يمكننا زيارة قرية (بامانزِّي pamandzi) وهي موقع أثري يحوي آثاراً لمستوطنة شيرازي التي كانت في القرن العاشر للميلاد ويعرف باسم باغامايو. ولن ننسى أن نختم رحلتنا بالتعريج على صخرة زّاوزّي التي تثير الدهشة بروعتها لتكتمل الرحلة برضى وسرور .
المعلومات من مصادر متعد

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *