لماذا يحاور العقيد نفسه؟

بادر النظام من جانبه إلى عقد مؤتمر سماه بالحوار الوطني، وإذا دققت وجوه الحاضرين ستجد أن أغلبهم

من دائرة مؤيديه أو المنتفعين منه، وهنا نتساءل ما جدوى حوار المرء مع نفسه، أو بالأحرى لماذا لم تقبل المعارضة دعوة المشاركة في هذا الحوار إن صح التعبير ؟
ثمة أجوبة كثيرة لهذه التساؤلات سواء تلك التي أدلت بها المعارضة، أو ما يمكن استنتاجها من سياق الأحداث، وبرأيي يعود عدم قدرة طرفي النزاع في عقد حوار جدي ومنتج إلى مفهوم “الحوار” ذاته .
فالحوار في بلد الزهور والعطور يعني أشياء مختلفة تماما، عن تلك التي نعرفها في البلاد الأخرى ، أضف إلى اختلاف هدف كل طرف وتوقعاته من إجراء الحوار.
فمفهوم الحوار بالنسبة للنظام هو البناء والمحافظة على ما تم منذ ٢٠١٨ وما تحقق من نتائج جلسات الحوار الوطني وأولها تغيير الدستور الذي سيمكن غزالي من الترشح مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية، بينما ترى المعارضة أن الحوار يعني العودة إلى ما قبل ٢٠١٨ وإلغاء كل ما ترتب عن جلسات الحوار الوطني _ في ذلك الوقت_ من نتائج وآثار. وإذا كان الحال كذلك فنحن بعيدون جدا من رؤية هؤلاء يجلسون على مائدة واحدة لأن هدف كل طرف من الحوار وتوقعاته منه هو إلغاء “الأخر” وليس مجرد التغيير في معادلة السلطة.
اذن نحن أمام معضلة حقيقية خاصة في ظل رفض النظام في الاستجابة لمطالب تظهر حسن نيته وجديته في الحوار كاطلاق سراح المعتقلين السياسين، ومما زاد الطين بله عدم تمكن المعارضة من انتزاع اعتراف داخلي بقدرتها على تمثيل الشق المعارض، أو بوصفها بديلا عن النظام الذي وسعى للاطاحة به. ومن حق القارئ أن يتسأل هو الاخر ما الحل ؟ وكيف نخرج من عنق الزجاجة ؟
الحل هو إيجاد مقاربة أساسها العودة إلى كلمة سواء، إلى صيغة لا غالب ولا مغلوب .

بقلم / طويل مولد صالح

متخصص في القانون

كل الآراء والأفكار الواردة يتحمل الكاتب مسؤوليتها

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *