الإيلانغ لانغ زهرة الزهور

الأزهار هي موسيقى الاخضرار الملونة وأغنيات الأرض بلغة تسمعها العين وتكتبها الروح وتترجمها المسام كلما استنشقنا أريجها…. وهي اللغة البديلة الممتازة المستخدمة في التعبير عن كثير من المشاعر والأحداث.. بنعومتها و رقتها وجمالها باختلاف أشكالها وروائحها وألوانها وأسمائها ومواسمها واختلاف أوقات و مناسبات تقديمها وإهدائها ما بين أن تكون بين يدي عروس أو لتزيين شعر طفلة أو عند رأس مريض أو عند مدخل بيت و في شُرفة أو على شاهد قبر

تظل الأزهار هي الشيء الجميل الآسر الذي يتحدى أي قبح في هذه الأرض، ويعلمنا كيف ننجو من يأسنا وأحزاننا.  واليوم سنستنشق معاً عبر هذه الأسطر عبير أجمل وألطف وأشهر الأزهار العطرية التي تتنافس عليها أشهر الشركات العالمية لصناعة العطور ومستحضرات التجميل.  

إنها زهرة ” إيلانغ يلانغ_ylang ylang ” وتعني زهرة الزهور  وهي تخرج من شجرة تسمى ( شجرة العطور أو ” كاناجا.. أو.. دوراتا “) الشجرة التي لا تفقد خضرتها ونضارها وعطرها و زهرها طوال العام، وتظل شامخة بضخامتها وطولها الذي يصل إلى 24 متراً وهي من فصيلة القشديات، تتميز بجمال أزهارها الصفراء الشبيهة بنجمة البحر والتي تتدلى ناثرةً عبيرها القوي النفّاذ بدلال الواثق من نفسه والأجمل أنه يفوح منها ليلاً بشكل أقوى من النهار، وفي الربيع تنمو فيها فاكهة تشبه فاكهة البرقوق فتصبح أكثر روعةً.  

وتنمو هذه الأشجار في المناطق ذات المناخ الرطب الماطر شبه الاستوائي .. وموطنها الرئيسي جزر القمر، ماليزيا، الفلبين، الهند، اندونيسيا.  

وسأسلط الضوء على جزر القمر في هذا الجانب المهم إذ تتميز بأجمل أنواع الأزهار العطرية وتُصنف بأنها الثانية عالمياً بعد الفلبين في زراعة وإنتاج وتصدير زهرة الإيلانغ إيلانغ بالذات “، و قد احتل الزيت العطري لهذه الزهرة المرتبة الأولى عالمياً في صناعة العطور الباريسية الأصلية المشهورة بفخامتها فأصبح من أهم الصادرات في جزر القمر لشركات العطور العالمية خاصة في فرنسا.  

وبالرغم من وجود بعض العوائق في طريق تطور القطاع الزراعي في جزر القمر والتي جعلتها تفقد العديد من الفرص الاستثمارية في وقت ما إلا أن المزارعين ظلوا يخوضون غمار التحدي والتعب في إنتاج الإيلانغ إيلانغ وظلت الجزر بفضلهم تحافظ على مكانتها عالمياً..

وقد قامت الحكومة القمرية بإنشاء ( الهيئة الوطنية لزراعة النباتات العطرية) و التي أعتقد أن من مهامها منع القطع الجائر للأشجار، وتنظيم المد العمراني، ودعم المزارعين وتحسين وسائل الزراعة وتسهيل كل المعينات لهم .. لاسيما وأن الشركات المستوردة لها صارت هي الأخرى تعمل على تحسين تلك المزارع لضمان استمرارية الإنتاج..

مع ذلك من الأهمية بمكان أن ينظر كلا الجانبين لمعاناة المزارعين وما يلقونه من العنت والشح والتعب في سبيل الوصول لتلك المَزارع البعيدة وصعوبة النقل منها عبر الجبال والهضاب التي تُعرف بها طبيعة الجزر من أجل عملية استخلاص هذه الزيوت التي تحتاج إلى كم هائل من الأشجار، وهذا الاستخلاص ذو تكلفة مادية عالية للغاية أعلى من الإمكانات المتاحة بكثير .. خاصة وأنه للأسف بعد كل هذا الرهق والتعب و المجهود العظيم يتم شرائها واستيرادها بثمن لا يوازي الجهد المبذول بل و أقل بكثير جداً من قيمتها الحقيقية .  

لذلك يجب رؤية الأمر من جميع الزوايا وتقدير الجهود المبذولة حق قدرها حتى تعم الفائدة ويستمر العمل بنشاط ونفوس راضية .. فهذه الزهرة بالذات وغيرها من الأزهار العطرية التي تشتهر بها جزر القمر تُعتبر كنزا حقيقيا يجب حمايته والحفاظ عليه.. كيف لا ولها فوائد يصعب حصرها في مقال صغير كهذا. _

فمن الفوائد الصحية مثلاً لزهرة إيلانغ إيلانغ التي يحتوي زيتها على نسب عالية من مضادات الأكسدة والمركبات الكيميائية نذكر التالي :- زيتها العطري يحسن الحالة النفسية إذ يخفف القلق والتعب والأرق والاكتئاب، ويتخلص من الغضب والغيرة والمشاعر السلبية، ويعزز الثقة بالنفس، ويقلل من الأعراض التي تصاحب الانفعالات مثل ارتفاع ضغط الدم وسرعة ضربات القلب / وذلك يرجع لتأثير رائحة هذا الزيت على إنتاج السيروتونين في الجسم وهو مادة كيميائية تعمل كناقل عصبي للإشارات بين الأعصاب بشكل رئيسي.. وله العديد من الوظائف الفسيولوجية الهامة أيضاً لكنه أحد المواد الهامة التي تنظم المشاعر وتتحكم في السلوك /.

كما يحسن زيت الإيلانغ إيلانغ صحة الشعر والجلد ومظهرهما من خلال المحافظة على رطوبة الجلد ومظهره ونضارته، ومعالجة تهيج البشرة وحب الشباب والتهاب الجلد ويساعده على تجديد الخلايا ومحاربة التجاعيد وتخفيف تساقط الشعر ومنحه النعومة ومعالجة فروة الرأس..

و أيضاً تقول الدراسات أن استنشاق رائحته العطرة يخفض ضغط الدم المرتفع، كما يخفض فرص الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين، وأيضاً يسرّع من تعافي الجروح والتئامها.. وتخفيف اعراض الروماتيزم والنقرس، كما يخفف حدة بعض الأمراض مثل نزلات البرد والكحة والصداع والحمى والتهاب الجيوب الأنفية..  

أما تناول الزيت فموياً لا ينصح باستخدامه إلا بعد استشارة الأطباء أو أصحاب الخبرة.. وأما استخدامه على الجلد! فرغم أنه يعتبر من الزيوت الآمنة إلا أنه يجب اختبار قدرة الجلد على تحمّله أولاً قبل استخدامه أو بعد استشارة خبير…ومازالت الدراسات تُجرى على فوائده الطبية الأخرى .

و من ناحية العطر  تظل العطور التي تحتوي على زهرة الزهور ” إيلانغ إيلانغ ” هي الأفخم والأرقى والأرق والألطف و الأكثر سحراً على الإطلاق .

جنة جزر القمر متفردة بروعة الطبيعة فيها المضمخة بعطر أزهار القرنفل و الإيلانغ إيلانغ و الفل و الياسمي . وهذا التفرد كنز عظيم في جزر القمر جعل انظار المستثمرين متوجهة عليه .. كنز يحتاج لاهتمام جاد وكبير من أبناءها وعمل حقيقي على تطويره وبدل أن تكون جزر القمر منتجة ومصدرة فقط حريٌّ بها أن تكون مُصنِعة أيضاً بل مركز لصناعة أجود وأفخم أنواع العطور ومستحضرات التجميل والأدوية العلاجية الأخرى فينقلها نقلة كبيرة للغاية في عالم الاقتصاد ويجعلها الأولى عالمياَ في هذا الجانب.  

الأمر فقط يحتاج لعقول نيرة و عزيمة وإرادة قوية وتكاتف جهود من أبنائها بقلب واحد.. ولا مستحيل مع التوكل على الله. ((إلى متى سنظل عالقون في نفق ” الآخر” ؟))

 المعلومات من مصادر متعددة..  

بقلم نهى إبراهيم سالم

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *