بقلم / يوسف علي امباي
باحث في العلاقات الدولية والإنسانية بالمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس
تضيف أزمة استقالة القيادات السياسية من حزب الإمام غزالي عثمان فضيحة أخرى ضمن فعاليات مهرجان التخبط السياسي والأمني لرؤية القادة في بيت السلام، غير أن السؤال المطروح حاليا، هو السبب الحقيقي وراء استقالة الوزير، وما إذا كانت التطورات الأخيرة ستعطي الانتباه للمهيمنين على السلطة في بيت السلام أن لعبة السياسة القمعية التي تنتهجها الحكومة حاليا مستمرة في جني ثمارها، سيما أننا نتطلع إلى مرحلة جديدة لإعادة ترتيب الأوراق فيما يتعلق بالعشرين عاما المقبلة للبلاد.
المتابع للمؤتمر الصحافي للدكتور حامد كرهيلا، المستقيل أمس الأول، يدرك مدى عمق الأزمة التي يتعرض لها الحزب الحاكم، سياسيا وتنظيمية وأخلاقية، وما ينطوي عليها من بعد استراتيجي. تسعة عشر عاما أو ما يزيد في خدمة بلد دون رؤية واضحة لما قدمه الحزب أو أمينه العام المستقيل وفقا لبيان الاستقالة.
كما يتضح من خلال البيان غلبة المصلحة الشخصية والصراع من أجل السلطة وتقسيم الغنائم على مصلحة الحزب نفسه وعلى المصلحة العامة للبلاد، عكس الاستقالة الأولى لنائب رئيس الجمهورية الأسبق السيد جعفر سيد حسن، والتي حظيت باهتمام بالغ من عامة الشعب القمري معارضا كان أو محايدا لما تضمنه من أسباب تتعلق بمستقبل البلاد السياسي وغيرها من انتهاك الدستور والاضطهادات التي مازالت حتى في الوقت الحاضر تواجه المعارضة، كما سارع إلى انضمام رأيه ضمن فعاليات المعارضة لمقاومة سياسة الإمام غزالي القمعية.
أما أمين عام الحزب المستقيل، لم يعرض في بيانه الأول، أزمة السياسية الخارجية ولا الداخلية الخانقة التي هو شخصيا ضمن من خططوا لها كالأزمة الدبلوماسية مع دولة قطر الشقيقة، والكندية القمرية والأزمة مع طهران ولا حتى التطرق إلى التدخلات الفاضحة للمملكة العربية السعودية في رسم السياسة الخارجية للبلاد وما ترتب عليها من إعادة البلاد إلى مربع الصفر في سياستها الخارجية.
الأمين عام المستقيل لم يتحدث في سبب استقالته عن خطورة الوضع في جزيرة أنجوان، ولا التسوية التي أعدتها وزارته الخارجية في “صفقة القرن” بين باريس وموروني في ما يتعلق بمصير جزيرة مايوت المحتلة، الوزير المستقيل لم يلق بالا بالانتهاكات الصارخة للدستور ولا الاعتقالات التعسفية والاحتجازات العشوائية دون محاكمة، ولا حتى أزمة الاستفتاء الأخير وما تحملها من مستقبل غامض للبلاد كونه واحدا من مؤلفي المشروع.
أخيرا فإن استقالة وزير الدولة السابق لدى وزارة الخارجية والأمين العام للحزب الحاكم لن تضعف عزيمة الحكومة الاتحادية في مواصلة تطلعاتها نحو التنكيل، بل ستوسع الدائرة المغلظة وستزيدها بعدا تكتيكيا للمرحلة المقبلة، حيث كان الأمين العام المستقيل أصلا، عبئا ثقيلا للحزب وأدى إلى إخفاقات عدة في الانتخابات الأخيرة للنواب والمحافظين، إضافة إلى مسرح الانقسامات والاختلافات الداخلية للحزب .. والله غالب!
__________________________
الأراء والمقالات التي تنشر في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن مواقف إدارة ” من جزر القمر” يتحمل فقط صاحب المقال مسؤولية آراءه