التغير المناخي في جزر القمر: مخاطر واقعة وفرص متعددة

تعتبر ظاهرة التغير المناخي من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في الوقت الراهن بسبب ما يرتبط بها من آثار سلبية تطال جميع الكائنات الحية من إنسان وغيرها من الكائنات نباتية كانت أم حيوانية، والتي تشكل بلا منازع ولا مراء مصدرا أساسيا لعيش الإنسان

وتعزى هذه الظاهرة، أي التغير المناخي، حسب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي لسنة 1992 -التي توفر الإطار العام للتعامل مع ظاهرة التغير المناخي من حيث وضعها للمبادئ والقواعد العامة للجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي – بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الأنشطة البشرية المختلفة والمفضية إلى تغير في تكوين الغلاف الجوي العالمي، يمكن ملاحظتها على مدى فترات زمنية متماثلة.

الواضح أن الإنسان هو المسؤول عن التغير المناخي الذي نشهده اليوم ونتعايش معه في الوقت الراهن، وهذا لا يعني أن الأسباب الطبيعية ليس لها دخل في حدوث هذه الظاهرة، بل إن زيادة حدتها ووحشيتها تعود بلا شك إلى الأنشطة البشرية خاصة بعد تدشين ثورته الصناعية التي استنزفت الموارد الطبيعية ودمرت الوسط البيئي والحيوي ولوثت الهواء لأجل مصالح اقتصادية ضيقة.

فقد أجمع كبار العلماء والباحثين خاصة علماء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي أن هذا الأخير حقيقة واقعة وأن الإنسان هو المسؤول عن وتيرتها المتزايدة، مضيفين أن عواقبه السلبية تزداد يوما بعد يوم، وأنها تصيب بشكل أساسي المجتمعات الفقيرة والبلدان الأقل نموا وتطورا مثل جزر القمر بفعل عوامل عدة يمكن حصرها في الهشاشة السياسية والاقتصادية والبيئية.

إن جزر القمر تشهد اليوم بالفعل الآثار السلبية لظاهرة التغير المناخي، متمثلة في ارتفاع درجات حرارة الهواء، وارتفاع مستويات سطح البحر، وزيادة تدهور السواحل والغطاء النباتي والتصحر، وتغير مواعيد الأمطار، فضلا عن الظواهر الجوية الشديدة العنيفة المتطرفة مثل العواصف والفيضانات، وغيرها من الظواهر الغريبة المرتبطة بظاهرة التغير المناخي التي تزيد من هشاشة بلدنا جزر القمر بفعل طبيعتها الجزرية.

وبمقابل هذه المخاطر، توفر جهود مكافحة التغير المناخي في “بلدنا الإفريقي الجميل” فرصة لبناء اقتصاد مستدام قائم على تدبير جيد للثروات الطبيعية الحيوانية والنباتية والمائية المتوفرة في جزر القمر، واستغلال مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة فيها خاصة الشمس والمياه والبحر والبركان.

 فبقدر ما تشكل ظاهرة التغير المناخي تحدي أمام جزائر القمر، توفر لها كذلك فرص للنهوض نحو اقتصاد منخفض الكربون ومستديم، يوفر للشعب القمري الحياة الكريمة والرفاهية التي لطالما افتقدها.

وعليه، يجب على السلطات القمرية أن تأخذ في الحسبان الانشغالات البيئية والمناخية في جميع خططها الإنمائية، كما يجب عليها أن تضع سياسة وطنية للمناخ مسترشدة في ذلك بأهداف التنمية المستدامة السابعة عشر التي تغطي العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مع ضرورة تطوير إطار سياسي مناسب للاستفادة بالتمويل المناخي المتأتي من الصناديق المتعددة الأطراف المختلفة وغيرها من آليات التمويل الدولي التي تساهم بشكل كبير في تمويل البرامج والمشاريع ذات الصلة بالتغير المناخي ومكافحته.

بقلم إبراهيم نيدهوار

باحث في التحديات الراهنة للسياسة الدولية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *