معايير تعيين غزالي نائبا ثانيًا في الاتحاد الأفريقي

    ثمة محاور متعددة ونقاشات حادة في أوساط الشارع السياسي بأرخبيل القمر بين معارضين بشدة و مطبلين لنظام الإمام غزالي بعد إعلان بيت السلام، رئاسة الجمهورية في موروني، نبأ تعيين رأس النظام نائبًا في رئاسة منظمة الاتحاد الأفريقي
    فيما ظل الشارع السياسي بجزر القمر في صدمة كبيرة  فور صدور النبأ متسائلا عن معايير وآليات تنصيب الهيئات التنفيذية والتنظيمية للمنظمة العجوز المعروفة بالاتحاد الأفريقي وذلك تزامنًا مع تأكيد المنظمة للخبر فيأتي الإعلان بصداع عميق أبغض من صداع  فيروس كورونا المتحور  و لِيَصدع الآذانَ أكثر من تصدع مزامير الزعيم النازي الأسبق أدولف هتلر ، فيما اغتنمت الذبابات الالكترونية التابعة للنظام الفرصة لتسويق الخبر بمفاهيم مختلفةً تكاد تقترب من ادعاءات الزعيم هتلر زمن قيادته الحزبَ النازي إبان الحرب العالمية الثانية وذلك ضمن سلسلة جديدة من حلقات الحرب النفسية على المعارضة في جمهورية أرخبيل القمر
    غير أن تعيين غزالي في هذا المنصب أبعد ما يكون نصرا مبينا للدبلوماسية القمرية كما يروجونه بعضٌ من أذرع إعلام النظام ، بل بالعكس هو مؤشر جديد على قرب نهاية الأنظمة الدكتاتورية التي ابتلعت الأخضر واليابس في القارة السمراء ، علاوة على أنه يأتي في وقتٍ فقدت المنظمة المذكورة مصداقيتها بفقدان أمجاد من مخلصي القارة السمراء الذين حاربوا بالحديد والنار في سبيل تمكين القارة السمراء من التحكم في قراراتها الداخلية كأمثال الزعيم الأفريقي معمر القذافي الذي وبخ في مناسبات عدة تصرفات زعماء القارة السمراء بقوله:
     لو كانت المساعدات الدولية تتسبب في نهضة مكان ، لكانت أفريقيا هي أكثر قارات العالم تقدما و ثراءً ،
     وقد بات واضحًا أن القارة العجوز تقترب شيئًا فشيئا نحو التحرر الفكري والمنهجي وطي صفحات الماضي الأليم الذي خيم على أذهان كل صغير وكبير من أبناء هذه القارة التي مازالت حتى الآن البقرة الحلوب لشعوب الدول المتقدمة في الوقت الذي تجد شعوب القارة السمراء نفسها  في مستنقع من مجاعات ليسوا بخارجين منها في المستقبل المنذور، وفقًا لإحصائيات المنظمات الدولية المعنية،  في حال ما استمرت الأنظمة السياسية الحالية فوق مقاليد المنظمة
    ففيما تحبس الأجهزة التنظيمية لما عرف بالوحدة الأفريقية أو الاتحاد الأفريقي أنفاسها الأخيرة في وجه موجات التحدي التي تعصف بالقارة السمراء بأكملها في الآونة الأخيرة و المطالبة بتغيير جذري للأزمة المستعصية التي تضرب المنطقة جراء هيمنة الأنظمة الدكتاتورية وأصحاب النظريات الضعيفة على إرادة شعوب القارة مما أدى إلى مزيد من المعاناة وتشريد الكثير من أبناء القارة
    كثف الشارع السياسي لشعوب القارة السمراء هذه المرة الضغوطات للمطالبة بالخروج من عنق الزجاجة الذي أدخلت فيه و بالمشاركة الفعالة في صياغة أولوياتها وتحرير القارة السمراء من تبعات الهيمنة الغربية للمنطقة و تمكين شعوب القارة بتحديد مصيرها بأنفسها بعد قرن من الزمن تقريبًا من النهب والسلب مرورا بالإبادة الجماعية التي تعرض لها شعوب المنطقة جراء الحروب الأهلية الطاحنة والمجاعة التي راحت ضحيتها ثلث سكان القارة العجوز إبان التسعينات من القرن الماضي مع التهريب المنظم لكنوز المنطقة وتقديمها لمن لا يستحق في صحون من الذهب بثمن بخس ومهين لتنهض الشعوب الأخرى بمقدرات القارة السمراء بينما شعوب أفريقيا تصارع الموت من أعماق أمواج البحار المتوسط  في سبيل طلب لُقمةِ العيش
     إن ما تعانيه القارة السمراء من تهاون مستمر يقشعر الأبدان ويتطلب من أصحاب القلوب والإيمان التكاتف معا من أجل مساعدة القوى التحررية التي بدأت تبرز في مناطق واسعة من القارة من بوركينا فاسو إلى النيجر لتحرير القارة السمراء من الأنظمة الدكتاتورية التي مازالت هي حجر الزاوية  في مصائب القارة
    فأحداث جمهورية مالي الأخيرة  لَبرهان واضح أن شعوب الأمم الأفريقية عازمة كل العزم لإزالة الورم الذي أكل ما يكفي من أجساد شعوب المنطقة حتي الآن
     فالقارة الأفريقية لم تزل في مقدمة أغنى قارات العالم من حيث حجم الموارد الطبيعية والكنوز البشرية والمعدنية التي تملأ آراضي شاسعة من أفريقيا الوسطى إلى الشمال الغربي من القارة السمراء كما أنها الأولى عالميًا التي تتمتع بوفرة في المواد الخام التي يمكن تحويلها بسهولة إلى منتجات مصنعة ، بيد أن استمرار الأنظمة الدكتاتورية في تسيير أمور هذه الدول بات مصدر تهديد رئيسي  لمستقبل شعوب المنطقة
    فبالتالي تعيين الإمام غزالي لهذا المنصب  ما هو إلا بادرة حسن نية من أمثاله واعتراف بالجميل من قبل أجهزة المنظمة وذلك تكريما له على مجهوداته الفذة و مساهمته الفعالة في تأدية دوره كواحد ممن ساهموا بقوة في تزوير أحلام شعبه نحو الديموقراطية المعهودة  لتعلو من جديد شعلة الدكتاتورية  فوق أسطح مباني جزر القمر بعد بضع سنوات من عمل دؤوب نحو الديمقراطية في البلاد ، فهموم القارة السمراء أكبر بكثير من هيكل تنظيمي يتزعمها أمثال هؤلاء
     فقد سجل معهد السلام الدولي الذى يعدّ أحد أبرز مراكز الفكر في الولايات المتحدة الأمريكية  أن معدل النزوح في القارة السمراء يزيد يوما بعد يوم فيما قدرت وزارة الخارجية الأمريكية، عدد نزوح اللاجئين الأفارقة بنحو 7 ملايين لاجئ في الوقت الراهن، و 27 مليون نازح داخل القارة السمراء وحدها ، غير أن محاولة تلميع صورة الإمام غزالي وأمثاله من زعماء القارة السمراء بهذه الطريقة ما هو إلا مجرد فكاهة وتزويرا للواقع الأليم الذي تشهده القارة ومزيدا من السخرية ليس للشعب القمري الساعي إلى حلم التحرر من القبضة الحديدية المتسلطة عليه فحسب ، بل لكافة شعوب القارة السمراء التي ما برح تقاوم بكل ما أوتيت من حكمة و صبر ودون ملل من أجل غد مشرق للقارة بأكملها ،
     والله غالب

     

    يوسف علي امباي

    أكاديمي وباحث في المعهد الأوروبي للدراسات الإنسانية-باريس

     

    كل الآراء الواردة في المقال يتحمل الكاتب فقط كامل مسؤوليتها 

    Leave a Reply

    Your email address will not be published. Required fields are marked *

    Back To Top