في أرخبيل العطور سنكمل معاً سياحتنا في الجنة الثانية من جزر القمر ألا وهي :(جزيرة موهيلي moheli أو مُوالي كما يطلق عليها محليا). هنا حيث تتحدى فتنة الطبيعة قدرة أي خيال رغم أنها الجزيرة الأقدم والأصغر من بين الجزر الأربعة إلا أنها الأجمل على الإطلاق، والأكثر سحراً وجذباً وإغراءاً للسياح وذلك لشدة براءة طبيعتها واعتدال مناخها.
هنا فقط تكتشفون أن للهدوء شكل و لون وطعم ورائحة و ملمس وروح و قلب وصوت و أنفاس .. وكأنها عالم آخر وكيان متكامل. لاضجيج ولازحمة هموم ولا صخب حداثة.. سكانها مسلمون طيبون، وهم عبارة عن مجموعات عرقية عديدة من الماليزيين والأوروبيين والمدغشقريين والعرب والبنتو، وأيضاً الفارسيين من شيراز، ويتسمون ببساطتهم و تواددهم وحسن خلقهم وترحيبهم بكل زائر.
تتميز موهيلي بخصوبة أرضها، وكثافة الغابات التي تغطي تلالها، ومزارعها الوارفة الوافرة بأشجار النخيل والموز المطرزة بالقرنفل والأزهار العطرية كثوب صبية مرحة.
وأشهر مدنها وأكبرها هي (فومبوني fomboni) في الساحل الشمالي ، وهي العاصمة الرسمية لموهيلي، المدينة الهادئة الخيالية الآسرة، ذات التفاصيل التي تجبر الزائر على البقاء فيها طويلاً. وبها شارع رئيسي جميل كبير، وأسواق ومطاعم ومقاهي متفردة للغاية بما تقدمه وبطريقة التقديم نفسها، ولها ميناء صغير أكثر تفرداً، كما تتنافس شلالاتها وأنهارها على حقيقة الجمال ومعناه.
كذلك بها شواطئ ينتشر فيها الحرفيون في صناعة القوارب الشراعية بلمسات عربية مبهرة ووجودها على طول الشواطئ يشكل لوحة فنية لامثيل لها وكأنه مهرجان قوارب عجيب ومدهش.
( نِيوماشُوا nioumachoua) وهي ثاني مدن موهيلي الرائعة، وتقع في الجنوب الغربي. تشتهر بوجود ثماني جزر صغيرة تابعة لها تقع قبالتها مباشرة و تُعرف بجزر نيوماشُوا، ولكل جزيرة منها تفاصيل وحكاية وسحر .. وكانت تعتمد هذه الجزر بشكل كامل على تربية الحيوانات والرعي لكن مع مرور الزمن وتغير الأوضاع وزيادة الكثافة السكانية صار اعتمادها على السياحة هو الأساس فتحولت إلى محمية طبيعية خلابة يستمتع زائروها من السياح بالصيد والغوص وركوب الأمواج والتعرف على منتزه (لاكا لودج) الواقع على خليج صغير بالقرب منها والذي يحتوي على أكواخ لطيفة جداً وأماكن للراحة والاستجمام ، كما يمكنهم مزاولة كل الأنشطة الاستكشافية فيها. كما توجد في موهيلي شواطئ أخرى بذات الروعة والرمال البيضاء مثل شاطئي سامبيا و إيتاميا.
وفي العام 1999م بدأت فكرة أول محمية بحرية في جزر القمر فتم تأسيس الحديقة الوطنية ( منتزه موهيلي البحري the moheli marine park) في 19 أبريل 2001م
وقد تميز بوجود أسماك القرش والدلافين والحيتان الحدباء والسلاحف الخضراء وأسماك شوكيات الجوف والملونة وغيرها من الحيوانات والأحياء البحرية المختلفة. وكلها تعيش ضمن 404 كيلومتر مربع من البحر، والحفاظ على هذه المنطقة وحمايتها كان هو الدافع للمبادرة التي جمعت بين المجتمعات المحلية والدولية لإنشاء منطقة محمية بحرية مشتركة الإدارة، وجزيرة موهيلي كانت هي الموطن الأنسب والاختيار الأجمل.
وقد حظيت هذه المبادرة باستحسان عظيم ونالت جائزة المبادرة الاستوائية من الأمم المتحدة في العام 2002م.