الدبلوماسية القمرية في حركة تحديات وتطلعات

    شمس الدين سيد علي

    الإدارة العامة للشؤون العربية

    وزارة الشؤون الخارجية  والتعاون الدولي

    جمهورية القمر المتحدة

    ويمكن القول بأن الدبلوماسية القمرية الجديدة، قد ظهرت بثوب جديد في تكوينها وتركيزها وتحركاتها ومسعاها المستقبلية، خاصة في ظل  الخطوات الجدية  المرسومة بشعار النهضة والتقدم والازدهار، وفي ظل المواجهات الحقيقية  الصارمة مع القضايا الجوهرية التي عرقلت مسيرات  نهضة هذه البلاد فترات طويلة،  وفي مقدمتها  قضية مايوت القمرية التي  شهدت تطوراتها   التاريخية بالزيارة الرسمية التي قام بها  الوفد الفرنسي  إلى مروني  يوم  الأربعاء 11 من أبريل2018م برئاسةالسيد/جان بابتيست ليموين ، وزير الدولة لدى الوزير الأوروبي والشئون الخارجية لمدة 24 ساعة، وخلال المباحثات الرسمية بين الوفدي الفرنسي القمري، تمت مناقشة العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك نتائج حركة الاحتجاج المجتمعي في مايوت والعلاقات الثنائية بين باريس وموروني، وقد رحب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي و وزير الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية بالتهدئة الجارية في جزيرة مايوت، بقدر ما اتفقا على ضرورة تعزيز الحوار السياسي بين فرنسا وجزر القمر، والذي سيستمر بزيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ، السيد/ محمد الأمين صيف اليمني،إلى باريس يوم 19 من أبريل 2018م ، بدعوة من نظيره الفرنسي السيد/ جان إيف لدرايان، وفي غضون ذلك ونظرا لتطور الحالة الراهنة في جزيرة مايوت، وافق الجانبان على ألا يدخروا جهدا يذكر في سبيل العمل على تعزيز الأمن والاستقرار في أرجاء الجزيرة،و ذلك باتخاذ جميع التدابير اللازمة لتعزيز التوافق المستمر، بعدما يقرب من ثلاثة أسابيع من التوتر من كلا الجانبين، سعى الطرفان- القمري والفرنسي – إلى ضفر الطرق والوسائل لإيجاد حل دائم لهذه القضية الشائكة،  بطريقة بناءة ومنسقة، كما أكد الوفدان على رغبتهما في  الشروع في مسار حواري وديموقراطي متجدد ينفذ تدريجيا جميع التدابير الرامية إلى إعادة تنشيط العلاقات بين البلدين،  فكان بالفعل ما خطط  من لقاء ناجح بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ونظيره الفرنسي ” جين إيف ليدريان”  يوم 19 من أبريل2018م،  وفي جعبة تلك الزيارة وفي طياتها معاني كثيرة :  حين أوضح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، محمد  الأمين صيف اليمني، عبر لقاء صحفي:
     
    ”  لقد عرض علينا الفرنسيون  مطلب  إلغاء مذكرة الحكومة القمرية التي  ترفض  بإعادة مواطني الجزر الثلاثة- إنجزيجا، وأنجوان، وموهيلي –   المتواجدين بمايوت، على أنني أشرت بوضوح إلى أن قضية مايوت القمرية،  هي قضية لها أبعادها و اتجاهاتها وزواياها  المعقدة،  ولا يمكننا على كل حال أن نبني أحكامنا- حيال الجزيرة-  على اتجاه واحد وإلا ستكون أحكاما جائرة في كل المستويات وفي كل المقاييس، علينا أن ننظر أولا  ونتباحث  في علاقاتنا مع مايوت اليوم والغد، فهناك جوانب إنسانية مشتركة  وهناك جوانب اجتماعية واقتصادية ، وهناك جوانب قانونية، وهناك الإجراءات التي لا بد منها لمنع تدفق مواطني الجزر الثلاث إلى مايوت، وذلك بإتاحة لهم أسباب العيش والعمل  هنا في مروني  بسعة ورخاء ونضع في عين الاعتبار التجارب الدولية   في حلحلة   قضايا مشابهة
    وفيما يتعلق بالنقاط الأساسية في مباحثات باريس قال وزير الشؤون الخارجية والتعان الدولي :  في مباحثاتنا اليوم  جرت حول نقطتين رئيسيتين،   وفي غاية الأهمية، النقطة الأولى؛ أن على فرنسا أخذ مسؤوليتها الكاملة في الحفاظ على أمن وسلامة القمريين في مايوت، ونحن نعني بذلك القمريين في مختلف الجزر الأربع: من أنجزيجا- وأنجوان – وموهيلي-  ومايوت،  النقطة الثانية أن نفتح مجالا واسعا للحوار والمناقشة حول هذه القضية برمتها ،  وقد قال رئيس مجلس الوزراء الفرنسي للمنتخبين المايوتين،  حتى لو لم يعجبكم الأمر لكن لا بد أن نفتح حوارا صريحا مع المسئولين القمريين، ولا بد أن تفتحوا حوارا  معهم أيضا ، حتى نجد مخرجا لائقا وحلا أبديا لهذه القضية. وهذه المناقشات والمباحثات- والكلام هنا لوزير  الشؤون الخارجية صيف –  قد تم من خلال  الزيارة الرسمية التي قام بها الوفد الفرنسي  للبلاد بقيادة وزير الدولة لدى الوزير الأوروبي والشئون الخارجية الفرنسية ، وها نحن اليوم ، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد بقدر ما ستكون أمامنا مباحثات أخرى  نلتقي حينها إن شاء الله،  وبرر هذه الخطوات بالقول :  إنما نجنح إلى الحوار مع فرنسا  حتى  لا نؤذي الوطن في النهاية بل على الجانبين العمل من أجل الظفر بمصالحهما المشتركة”.
    وفي  الـ 13 من أبريل 2018م ترأس فخامة الرئيس  عثمان غزالي،  رئيس الجمهورية، وفد  جمهورية  القمر المتحدة  المشارك  في أعمال  القمة العربية الـ 29  المنعقدة يوم 15 من أبريل 2018م  بمدينة الظهران بالمملكة  العربية السعودية، برفقة وفد رفيع المستوى ، وقد سبقت القمة اجتماعات تحضيرية  وزارية، حيث تمت خلال جدول أعمال قادة وملوك ورؤساء الدول المشاركين في القمة مناقشة العديد من القضايا  المهمة تتصدرها القضية الفلسطينية والتدخلات الإيرانية والتركية  في شؤون الدول العربية ، هذا إلى جانب قضية مايوت القمرية التي ينشغل بها الرأي العام المحلي والعالمي على  حد  سواء  .
    هذه الحركة الدبلوماسية التي تتجذر عبر الدراسات التاريخية  المتأنية، وشعورها الوطنية الملتهبة بالواجب وفضله وإسدائه إلى ذويه، بتصوراته الدقيقة الملهمة، والتي  تتمثل في احياء المجتمع عن رقده الطويل، وخموله الدبيب ، وانتشاله من اللامبالاة إلى الاهتمام القصوى بأمر الوطن ، رغبة في التوجيه  السليم نحو  الحق والصواب، فكان لهذه الحركة الفضل الكبير والعزم الأكيد،  في توعية المجتمع نحو القضايا الوطنية الكبرى بقدر ما كانت لها دور بارز في نقل الحقائق بقضها وقضيضها إلى  الإعلام الغربي بفضل جهود وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماع ، وشعور المواطن القمري بجسام القضايا، والاخطار المحدقة من كل جانب، وإدراكه أن أمامه رحلة طويلة لا بد أن يجتازها بنجاح ، وأن حقائق اليوم هي أحلام الأمس، فمايوت قمرية وستظل كذلك في ظل سواعد أبنائها المخلصين، بقدر ما ستبقى  عزيزة أبية مرفوعة الرأس، ناصعة الجبين،ببالغ التفائل لمستقبل باهر، ومرعب.
    وعلى الرغم من كل  التحديات التي تواجه البلاد ، فإن جزر القمر تستطيع،  ” نعم” تستطيع بفضل هذه الحركة الدبلوماسية  التاريخية العظيمة،  وطموحاتها العريقة التي تجلدت و تجاوبت حتى باتت النهضة والإقدام غاية رحلتها الطويلة بحلول عام 2030م  .

    Leave a Reply

    Your email address will not be published. Required fields are marked *

    Back To Top